الأثنين:4 نوفمبر 2024م - العدد رقم 2312
Adsense
مقالات صحفية

أساس وطن

الباحثة الإعلامية: نانسي نبيل فودة

إن بناء العقل من الأسس الهامة التي يراعي فيها العديد من المحاذير للحفاظ على عقول أطفالنا وشبابنا من مخاطر انجراف عقولهم نحو الأفكار المسيطرة الهدّامة، التي تخترق حياتهم بكل سهولة، وتعمل على تشكيل أفكارهم وسلوكهم المجتمعي، فالأسرة في كثير من الأحيان تجهل هذا الخطر الذي يخترق أفكار أبنائها دون أدنى رقابة، والتي تعمل الوسائل الإلكترونية المستخدمة بدور السيطرة التامة وإخضاع أفكارهم للانسياق إلى مخاطر التشكيل الفكري الذي يتم من خلاله اكتساب الكثير من الأفكار والثقافات من مجتمعات أخرى تبثّ العديد من الثقافات الهدّامة والعادات الفكرية الخاطئة، والتي تعمل على هدم عقول النشئ.

فالحروب التي تخوضها الكثير من المجتمعات لفرض سيطرتها على المجتمعات الأخرى، وإبراز قوتها، ليست حروب آليات ومعدّات ثقيلة، ولكنها حروب السيطرة الفكرية وتكوين عقيدة خاطئة لدى الشباب للاستحواذ عليهم وتطويعهم إليها دون الشعور بذلك، فحرب العقل البشري هي من أخطر أنواع الحروب، لأنها حرب مبهمة لا تعلم من أين وكيف وماهي الوسيلة التي يتم استخدامها للسيطرة على عقول الشباب داخل وطنهم، بوسائل التنوع التكنولوجي الرهيبة التي أصبحت أداة الإبهار الوحيدة لدى الشباب، لسهولة استخدامها وسهولة التأثر بها. ومع غياب التوجيه الأسري السليم، بسبب الانشغال والانخراط في دوامة الحياة، فيسقط الأبناء فريسةً لقراصنة المواقع اللاأخلاقية ومافيات التجسس الإلكتروني، والتي يسعى الشباب لاستخدامها وهم يجهلون أنها تخترق أفكارهم وحياتهم، وأيضاً تخطيطهم لمستقبلهم، حتى انتماءاتهم الوطنية، فتعمل على تصدير الكثير من الأفكار التي يتطلع الشاب للقيام بها حتى تخضعه للسيطرة التكنولوجية بسبب تلبية الأفكار المرتبطة بتطلعاته، مما يقوده إلى الانعزال الأسريّ، ثم الاكتئاب، وفي كثير من الأحيان إلى الانتحار. فعدم فهم الأسرة واستيعابها بأنها تحمل مسؤولية التربية والرقابة لأولادها وخاصةً في الوقت الحالي، جعل الكثير من الأسر تعاني العديد من المشاكل نتيجة إهمالها لأسس التربيه والرقابة السليمة، سواء الدينية أو الاجتماعية، مما يتطلب في ظل الأوقات الحالية ضرورة السعي بالشكل المطلوب لوضع الأسس الهامة والمطلوبة للحفاظ على تنشئة شباب ذوو قيَم وفطنة ووعي، حتى يستطيع بلورة كل فكر أو عامل مؤثّر يستهدف عقول شباب لمجتمع ذو أساس سليم، لوطن قوي يسعى دائماً للحفاظ على رواسخ وأفكار وأحداث تم حفرها على مرّ السنين، سواء في أذهان شبابها أو في تاريخ وطن يتناقلها الشباب بين جيل وآخر ليصبحوا أقوياء، يعلمون قيمة أنفسهم ووطنهم، ومن الصعب التأثير عليهم باسم الانفتاح التكنولوجي أو ما يسمى بالسيطرة التكنولوجية، ليكونوا حجر أساس متين من الصعب اختراقه.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights