لهذه المعلمة .. تحية إجلال بلون العلم
حمود الحارثي
أستهل مقالي بالحمد لله حمد الشاكرين، الحمد لله مرسل النور المبين، الذي أمر بالعمل في قوله تعالى: {وَقُلِ ٱعۡمَلُوا۟ فَسَیَرَى ٱللَّهُ عَمَلَكُمۡ وَرَسُولُهُۥ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَۖ} (من الآية 105 سورة التوبة)، والصلاة والسلام على أفصح العرب، والعجم الذي أوتي جوامع الكلم سيدنا محمد وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين، وعلى تابعيهم بإحسان إلى يوم الدين.
لقد تناولت وسائل التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية مقطعا مرئيا لمعلمة قامت بتكريم طلابها بطريقة مثالية أقل ما توصف بالرائعة، حمل عنوان:
((فكرة مبدعة من معلمة
أخبرت طلابها أن داخل الصندوق صورة طالب مميز، قريبٌ إلى قلبها وتحبه كثيرا، مجتهد في دراسته، ذو خلق رفيع، وبدل الصورة، وضعت داخل الصندوق “مرآة” تعكس صورة كل من ينظر داخله، لاحظوا ردة فعل الطلبة والطالبات حينما رأوا صورتهم))!!
لقد كانت لحظات ليست ككل اللحظات، حيث تزاحمت فيها مشاعرهم، وتشابكت فيها تعابير وجوههم البريئة.. بين صدمة المفاجأة، وابتسامات الفرح، ولربما لم تخلُ لحظاتها من دموع.
لقد أعادتنا هذه المشاهد لأيام خلت وأعوام مضت، ونحن على مقاعد الدراسة، محملين بذكريات عالقة في قلوبنا. حيث كنا مع معلمينا، وزملاء دراستنا، كأسرة واحدة نستظل بظلال علمهم، ونفترش الإخوة بساطا، من أجل رفعة مدرستنا الشامخة.
لتستوقفنا محطة نموذجية أخرى لمعلمة فاضلة من مدارس التعليم الأساسي، استحقت منا وقفة شكر، وتحية إجلال، وإكبار، متوشحة بلون العلم.
إن الإعراب عن مشاعر الإعجاب والشكر، والامتنان، لا يأتي إلا محمولا على فعل محمود نال جل الرضا، والاستحسان، فكيف وقد أسعد الخواطر، وأبهج النفوس؟!
لقد كان لهذه المبادرة تأكيد متجدد بأن التربية وغرس المبادئ الحميدة في نفوس الناشئة هي الأساس، وأن رسالة المعلم أعظم، وأوسع من أن تحصر في معلومة علمية على السبورة أو قراءة في كتاب، إنما هي استكمال لرسالة الرسل، والأنبياء، كما قال سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)، ومن ثم يأتي التعليم، وما من شك، بأن رسالة المعلم الإنسانية تتقدم العلمية والعملية.
لقد حلت هذه المبادرة في نفسي محل الرضا، والإشادة، ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله، كما حازت على استحسان الجميع، متزينة بوسام العطاء الإنساني الرفيع.
إن الرسالة التي وجهتها هذه المعلمة لطلابها واضحة جلية، أبهرتنا نتائجها المباشرة التي ارتسمت على وجوههم، فأي نظرة أبوية شملتهم بها؟! وأي شعور صادق متبادل قد تنامى حتى بلغ منتهاه؟! وأي وثيقة حب، وفخر، واعتزاز؟! وأي غرس طيب كان يوم حصاده وفيرا في زمن الجدب؟!
إن الحافز الذي قدمته هذه المعلمة لطلابها، لهو أسمى تعزيز معنوي، وأبلغ رسالة صادقة، سامية، نبيلة للمعلم، سيصاحبها بلا شك بذل أعظم، فنجاح، بتفوق أكبر.
{إِنَّ خَیۡرَ مَنِ ٱسۡتَـٔۡجَرۡتَ ٱلۡقَوِیُّ ٱلۡأَمِینُ} [من الآية 26 سورة القصص] ، لن أبالغ إن وصفتها بالقوي الأمين، فجهدها مقدر، سبقه فكر منظم نال الإشادة التي يستحقها. حيث جمع بين الإبداع والابتكار، الأمر الذي بلا شك سيمثل دعما حقيقيا صادقا لهؤلاء الطلبة، ورسالة حانية ثمينة سيعود ريعها الطيب على المدرسة، والمعلم، والطالب بالكثير من الحسنات، أخلاقيا، وعلميا.
إن كانت هذه المعلمة قد احتفت بطلابها بطريقتها الراقية، فحقيق بنا جميعا أن نعتز، ونفتخر، بهذه النماذج من المعلمين، والمعلمات الأفاضل في وطننا الحبيب سلطنة عمان… دمتم لهذا الوطن منارة علم وأدب لا تنطفئ.