خوله كامل الكردي
نتعلم من رمضان الكثير وأول درس نتعلمه منه هو الصبر ، فالإنسان في احتماله مشقة الصيام إنما يتأصل لديه خصلة عظيمة من الخصال التي لا بد أن يتحلى بها الفرد المسلم وهي -كما قلنا سلفا- الصبر، فمجاهدة شهوة النفس بمختلف درجاتها، تدرب المسلم على التحمل والصبر، ويعطينا درساً لا ينُسى في صلة الأرحام فلا يستقيم صيام امرئ مسلم وهو قاطع لرحمه ومجافيهم ، فرمضان يعلمنا كيف نتواصل ونبر أخواتنا وبناتنا وأمهاتنا ونتفقدهن ونحسن إليهن ، ودرس ثالث يتمثل في مد يد المساعدة للفقراء والمساكين والمسح على رأس اليتيم ومواساة المرضى والعاجزين وكبار السن، بزكاة الفطر تألف النفس حب العطاء بإخراج المال لمستحقيه.
يُعلمنا رمضان الكثير والكثير؛ فالخصال الحميدة التي يزرعها صيام رمضان في النفس البشرية لا حصر لها، وحسبنا أنه يُدعم ويُرسخ التكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع الواحد، أضف إلى ذلك فرمضان يُرسخ في الصائم التسامح مع الآخرين وغض الطرف عن هفواتهم، فالفضائل التي يحثنا عليها صيام رمضان، تدفعنا أن نصفي القلوب تجاه من أخطأنا نحن في حقه وتجاه من أخطأ في حقنا.
إن التسامح والعفو يضفي على القلب سكينة وطمأنينة تعمق في الذات سلاما داخلياً عجيباً، فالبرغم من أهمية التسامح والعفو عن الآخرين لكن هذا لا يلغي ضرورة ألا يكون على حساب راحة الإنسان نفسه وصحته، وألا يتنازل عن الحق خاصة إذا ارتبط بحق الغير، أن يتنازل الإنسان عن حقه فهو أمر يخصه وراجع إليه ، لكن ليس من الإنصاف التنازل عن حق الآخرين كحق أبنائه وزوجته وأهله ؛لأن الحق أصبح مشتركاً في هذه الحالة ولا يعنيه وحده.
والدرس الإيماني الأقوى أن كل مسلم يتحرى بشوق ولهفة مجيء العشر الأواخر من رمضان، والاستعداد لها يختلف من شخص لآخر ، هناك من يُفضل أن يبقى مستيقظاً، يمضي الليل بالصلاة والدعاء وختم القرآن ، وآخر يُفضل أن يأخذ قسطاً من الراحة قبل أن يقوم الليل كي يقوى على مقاومة النعاس والتعب ويقيمه بنشاط وحيوية.
هناك فريق آخر يقرر أن يكون معظم يومه في قراءة القرآن وعمل الخير من إطعام المساكين إلى تفقد أحوال الأهل والأقرباء، وقضاء الوقت مع الأسرة بالصلاة والاستغفار والذكر وتدبر القرآن والدعاء للنفس والأهل الأحياء منهم والأموات.
فلنسر على خطى ما تعلمناه من دروس رمضان ونعامل الناس كما نحب أن يعاملونا، حتى يعيش مجتمعنا الإسلامي في سلام وأمن دائمين، بفضل بركات شهر رمضان الكريم، أعاده الله علينا وعليكم بالخير والسعادة، فما أعطر وأحلى أيامك يا رمضان يا شهر الإحسان والغفران.
