د. عبد الحكيم أبوريدة
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد،
فلقد تناولنا في مقالنا السابق حقًا من الحقوق المشتركة بين الزوجين وهو (المباشرة بين الزوجين)، وفي هذا المقال سنبين آداب الجماع كما علمنا إياها رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فمنها التطيب قبل الجماع، ففي الصحيحين من حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: “كنتُ أُطيِّبُ رسولَ اللهِ، فيطوفُ على نسائِهِ، ثم يُصبحُ محرمًا، يَنضَخُ طِيبًا”.
ومنها أيضا: ملاعبة الزوجة قبل الجماع، لتنهض شهوتها؛ فتنال من اللذة ما ينال.
ومن أهمها أن يتوجه الزوجان بالدعاء الصالح قبل الجماع، ففي الصحيحين عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:” لو أنَّ أحدَكم إذا أرادَ أن يأتيَ أَهلَهُ قالَ: بسمِ اللَّهِ اللَّهمَّ جنِّبنا الشَّيطانَ وجنِّبِ الشَّيطانَ ما رزَقتَنا، ثمَّ قدِّرَ أن يَكونَ بينَهما ولدٌ في ذلِكَ لم يضرَّهُ شيطانٌ أبدًا”.
كذلك من آدآب الجماع: كتمان ما يدور بين الزوجين خلاله؛ لأن ما يحدث بينهما يجب أن يكون من الأسرار التي لا تخرج عنهما ، ففي صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-:” إن من شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة، الرجل يفضي إلى امرأته، وتفضي إليه، ثم ينشر سرها”.
وعن أسماء بنت يزيد أنها كانت عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والرجال والنساء قعود، فقال- صلى الله عليه وسلم-: “لعل رجلا يقول: ما يفعله مع أهله ؟ ولعل امرأة تخبر بما فعلت مع زوجها، فأرم القوم- أي سكتوا ولم يجيبوا- فقلت يا رسول الله: إنهن يفعلن، وإنهم يفعلون”. فقال- صلى الله عليه وسلم-:” فلا تفعلوا، فإنما ذلك مثل الشيطان لقي شيطانة في طريق الناس، فغشيها والناس ينظرون إليهما “.
ومنها : وجوب الغسل من الجماع ولو لم ينزل: روى مسلم (348) عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:”إذا جَلَسَ بيْنَ شُعَبِها الأرْبَعِ ثُمَّ جَهَدَها، فقَدْ وجَبَ عليه الغُسْلُ.. وإنْ لَمْ يُنْزِلْ”، وعند مسلم (349) أيضاً:”إذا جَلَسَ بيْنَ شُعَبِها الأرْبَعِ ومَسَّ الخِتانُ الخِتانَ فقَدْ وجَبَ الغُسْلُ”، وعند الترمذي (109):”إذا جاوزَ الختانُ الختانَ وجبَ الغسلُ”.
فإذا التزم الإنسان هذه الآداب مع غض بصره عن الحرام، واستشعار نعمة الله عليه في تيسير الزواج له، واستحضار نية إعفاف أهله ووقايتهم من الحرام؛ تحقق له مراده في الإشباع الجنسي له ولأهله، ولا مانع من الاستفادة من بعض الكتب النافعة التي عنيت بالحديث عن اللقاء بين الزوجين وعلاج المشكلات التي تعرض له، ككتاب تحفة العروس لمحمود مهدي الإستانبولي، وكتاب اللقاء بين الزوجين في ضوء الكتاب والسنة لعبد القادر أحمد عطا، وكتاب متعة الحياة الزوجية لمحمد رشيد رضا.
هذا، والله من وراء القصد، وهو يهدي السبيل، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
