فلسفة عجيبة
أحمد بن موسى بن محمد البلوشي
عندما تكون في بيئة عمل تكثر فيها المنافسة والتحديات، ستكون بصفة مستمرة محط الأنظار من قبل الآخرين، وقد تصادفك بعض التحديات التي تؤدي لوجود بعض الأخطاء في إنجاز الأعمال والمشاريع، وستجد شخصيات دورها الانتقاد وإظهار هذه الأخطاء بصورة أكبر من حجمها؛ لذلك كثرت في الآونة الأخيرة فلسفة التركيز على بعض القصور وتصيد الأخطاء في المشاريع والأعمال التي يتم إنجازها على مستوى الوطن، أو على مستوى الفرد، بل تعدى الأمر حتى وصلت هذه الفلسفة لمحيط الأصدقاء كذلك، فمثلًا عندما يتم إنجاز مشروع حكومي أو مشروع مجتمعي أو فردي في منطقة ما تجد بعضهم يبحث عن نقاط القصور والأخطاء في هذا المشروع دون التركيز على قيمته وهدفه وخدماته، وينسف جميع الجهود التي بذلت لذلك، وكمثال آخر عندما يطرح بعضهم فكرة أو رأيا لموضوع ما، تجد كمية النقد على ما تم طرحه دون التركيز على التفاصيل والمضمون، فبعضهم يحكم على العنوان دون قراءة التفاصيل، وينسون المحتوى والموضوع الحقيقي لهذه المشاريع والأفكار، وهذا يذكرني بالمثل الصيني الذي يقول:”أنا أشير إلى القمر، والأحمق ينظر إلى إصبعي”، فإذا رأيت شخصا وظيفته فقط تصيد الأخطاء وإبراز القصور في العمل أو في محيط الأصدقاء والمجتمع، فكن على يقين بأن هذا الشخص يحب الظهور على حساب الآخرين، وربما يرى من وجهة نظره بأن نجاحك يسبب ضررا له.
تُعدُّ فلسفة إبراز القصور وتصيد الأخطاء في الأعمال والمشاريع الوطنية والفردية على حساب الإنجازات فيها من العادات السيئة التي يُمكن أن يتصف بها الشخص، والأسوأ من ذلك أن تكون -عزيزي القارئ- أحد هؤلاء الأشخاص الذين يعانون من هذه الفلسفة العجيبة، والتي يمكن أن نصنفها بأنها مرض في شخصية بعض البشر، ممن يكون لديهم قصور في أنفسهم أولًا، ويعوضون هذا القصور في نقد الآخرين وتصيد أخطائهم. ومن الطبيعي أن نجد حولنا من يتسمون بهذه الفلسفة، ويسعون لإبراز القصور والأخطاء على حساب ما تم تحقيقه من إنجازات وأهداف.
موضوع الأخطاء والقصور وارد في كل شيء سواء في المشاريع الحكومية أوالشخصية أوالمجتمعية، فلماذا يتعمد بعضهم لإبراز هذا القصور بصورة أكبر وأوسع؟، هل هناك هدف حقيقي من ذلك؟، أو أنها فلسفة جديدة بدأت تظهر وبصورة كبيرة في المجتمع؟، كلنا نتفق مع النقد البناء والمفيد وبالصورة الإيجابية التي توصل المعلومة للمختصين من أجل تحسين الأعمال، ولكن هذا لا يسمى نقدًا بناءً بل يسمى هدمًا للإنجازات.
كل واقع في الحياة يحمل عدة تفسيرات واتجاهات، ولكن ليس من الصواب بأن نتجاهل الضوء الساطع لننشغل بالقليل من الظلام، ومن الظلم أن نتجاهل وننسف جهودا تبذل وفي كل القطاعات، وليس من العدل أن نتجاهل الإيجابيات ونركز عليها، وننشغل بالقليل من السلبيات ونضخمها، فالنهاية المصلحة واحدة، والهدف واحد؛ وهو أن نسعى لإيصال هذا الضوء للآخرين.