المسرحون عن العمل
بدرية بنت حمد السيابية
خلال السنتين الماضيتين أحدثت تغيرات كثيرة في العالم وما خلفته جائحة “كورونا” (كوفيد-١٩)، ولا ننكر ما عانى منه المواطن في المقام الأول من هذه التغيرات غير المتوقعة حقيقة، ولكن ما حدث وما سيحدث نتمنى أن يتغير للأفضل والأحسن، وترجع الحياة كما عهدناها سابقا بإذن الله تعالى، ومن هذه التغيرات من الناحية الاقتصادية والاجتماعية والصحية، فأصبحت عجلة التنمية تسير ببطء نحو تحقيق ما هو متأمل ومتوقع ومخطط له.
خلفت جائحة كورونا عواقب بعيدة المدى تتجاوز انتشار المرض نفسه والجهود المبذولة لاحتوائه، فمع انتشارها تحولت المخاوف من مشاكل التصنيع المتعلقة بالإمدادات إلى انخفاض الأعمال التجارية في قطاع الخدمات؛ إذ سجلت الجائحة أكبر ركود على مر التاريخ مع حجر لأكثر من ثلث سكان العالم، وهذا ما نعاني منه حتى الآن، فبعد الركود الاقتصادي في البلاد؛ تم تسريح من يعمل في القطاع الخاص؛ مما خلف عدم التوازن من حيث المعيشة أو التعايش مع الوضع الراهن.
للأسف، هذا التسريح عن العمل دون سابق إنذار جعل المسرحين عن العمل في حيرة وفكر أكبر في كيفية تجاوز هذة المحنة وكأنه الواحد منهم يقول: “ما ذنبي أنا؟”
فعلا، فهناك الأب المعيل الوحيد لأسرته، وهناك الابن المعيل لأمه وأبيه، وناهيكم عن المصاريف من الناحية التعليمية والصحية، فهناك من يسكن في بيت بالإيجار، وهناك من شارك في جمعيات أهلية لدفع قسط شهري بعيدا عن الاقتراض من البنوك، وبعضهم من اشترى سيارة بالأقساط، وغيرها كثير من المتطلبات الأساسية للحياة، وربما الآخرون كذلك لتسديد أقساط البنوك – رغم تدخل من سلطاننا، هيثم بن طارق -حفظه الله ورعاه- بأن تُمهل هذه الفئة فترة سماح تمتد إلى 12 شهرا من تاريخ التوقف عن السداد، والعمل على إعادة جدولة التسهيلات عند حصولهم على عمل آخر. وبأن تعطي البنوك هؤلاء المسرحين فرصة حتى إيجاد حل لهذة القضية؟!
ولكن نتساءل هنا؛ أين فرص العمل؟!
للأسف، العدد يتزايد من المسرحين عن العمل، فبعضهم قد أقدم على طلب مساعدة من الفرق التطوعية في تلبية بعض من الاحتياجات الأساسية، وقامت هذه الفرق التطوعية والخيرية بدورها الخيري اتجاه كل محتاج، وكما يعلم الجميع أنّ هذه الفرق هي الأخرى إذا وجدت دعما من قبل أهل الخير أو المؤسسات لن تقصر في تأدية واجباتها، ولكنّ هؤلاء المسرحين عن العمل إلى متى سيعانون من وضعهم، ومسؤولياتهم تزداد يوما بعد يوم؟؟!!
فمع غلاء المعيشة ومتطلبات الحياة من مأكل ومشرب ومسكن لن يستطيعوا الصمود؛ لذلك من الضرورة بمكان إجراء بعض التعديلات على القوانين، وخاصة قانون العمل الذي يمكن له تحقيق التوازن والمساواة والعدالة بين مختلف الأطراف الداخلة في عملية التوظيف والعمل والعمال، مع ضرورة العمل أيضا على مراعاة التغيرات المستقبلية في احتياجات القوى العاملة الوطنية على ضوء الرؤية الجديدة للسلطنة، فهي قضية مهمة جدا، ويجب إيجاد الحلول المناسبة لها، وأتمنى أن يعود كل مسرّح إلى عمله، وتتحسن أحوالهم المالية، ويعيشوا في رخاء وهناء.