سيطِر على نفسك
حمدان بن سعيد العلوي
مدرب في الإعلام والعلاقات العامة
أحياناً كثيرةً لا نعرف إلى أين نتّجه، فتجرفنا تيارات الحياة، نُسيء الظنّ في بعض الأحيان، نبالغ في بعضها الآخر، نتسرع، نُصدِّق كل شيء، ولا نترك لأنفسنا “خط رجعة”.
ننطلق بسرعة نحو الهدف ولا نعلم بأن استهدافنا قد يكون سهلاً وكأن الهدف الذي نسعى إليه “مصيدة” فنقع في فخّ لم نكن ندرك وجوده.
نُصدِّق كل ما يقال لنا وكل ما نراه أمامنا “ويا كثر الفبركة”.
ليتنا نتعلم من أخطائنا ونستفيد من تجاربنا ونعرف الناس على حقيقتها.
في بعض المواقف هناك صراعات داخلية في كل إنسان، وهذا يسمى بالاتصال الذاتي بين الإنسان ونفسه، تكون هذه الصراعات أحياناً بين العقل والعاطفة، فإن انتصر العقل وكان صائباً فأنت في الاتجاه الصحيح، وإن غلبت العاطفة وسيطر القلب فسيعمي البصر والبصيرة ومصيرك إلى الطريق المنحدر.
حكِّم عقلك بموازين الصبر والتأنّي وعدم التسرع والاندفاع، فالسعيد ليس من يحصل على كل شيء وأن يأخذ ما يريد، السعيد من كان يمتلك ميزان العقل ورجاحته.
البعض يأخذ الأمور على أنها تحدٍّ ويجب عليه أن يكسب في معركته سواء كانت في فرض الرأي أو إثبات أحقيته في امتلاك شيء ما، فتجده يحارب الجميع ويصرّ على رأيه، وفي النهاية فإنه يتحمل نتيجة أفعاله، وغالباً ما يعود نادماً على تصرفاته.
لا تدافع كثيراً عن غيرك واكتفِ بإبداء رأيك بما تراه لا أن تثبت أنك على حق وغيرك عكس الصواب، فقد تُغيِّر رأيك يوماً ما وتكتشف ما كنت مغيّباً عن رؤيته، بل بما ساقته لك العاطفة وأنت مغمض العينين لا ترى إلا ما يراه قلبك.
لا تعطِ كثيراً فوق المعقول فقد يكون الخذلان أكثر إيلاماً، وإن كان العطاء كثيراً، لا تكن كعود كبريت في حياة أحدهم يرميك بعد أن يضيء بك شمعة حياته.
لا تتعود على الأشخاص كثيراً في الثقة، في الحب، في الأمل، وكما يقال (كثيراً ستؤلمك كثيراً).
ويقال: لا تعطِ الأشياء أكبر من حجمها ولا تعمِّق تعلقك بها واجعلها في حيزها الطبيعي فهذا أبقى لاتزانك و حتى لا يؤذيك امتناعها عنك.
ويُقال أيضاً: لا تبالغ في اهتمامك ولا تفرط في عاطفتك ولا تتشبّث بأحد حدّ الجنون، ولا تسطر خطوطاً بدوام العلاقات فكل الأشياء ترحل والنفوس تتغير لا.
تُكلّف نفسك فوق طاقتها ولا تتحمّل بشراً أصبحوا عبئاً على قلبك.
واجه بأدب وانصرف بذكاء
وأغلق نوافذك التي تؤدي إليهم،
تجاوز كل شيء واكسب نفسك.
ونقول: التجربة خير برهان ومن جرب الشيء يعطيك النصيحة أكثر من غيره، قبل أن تبدأ يومك كل صباح فكّر فيما ستقول وكيف ستتصرف لو تعرضت لأي موقف، لا تعطِ رأيك قبل أن تتأكد من أهميته وما النتيجة التي ستنتج عنه بعد ذلك.
لا تقترب كثيراً بل اترك مسافة أمان مع الجميع مهما كانت علاقتك وثقتك بهم، فأنت لا تعرف بماذا يفكرون وكيف يفكرون وما أهدافهم، فالبشر صناديق مغلقة، وإن كنت تعرفهم جيداً فقد تتغير مواقفهم حسب مصالحهم، فهم يفكرون ويستمعون لغيرك كما يستمعون لك وأنت لن تتحكم بقراراتهم وقناعاتهم مهما كانت ثقتهم بك، فلا ترفع سقف توقعاتك وطموحاتك بأحد.
أنت لا تحصل على ما ترغب به، بل تحصل على ما تعمل من أجله، فاعمل على هدفك الذي ترغب في تحقيقه لوحدك دون شريك أو مساعدة أحد، فقد يكون مسانداً، وحين تتاح له الفرصة قد يستغل الموقف ليحقق أهدافه هو الآخر.
لذا يجب عليك أن تترك مجالاً لنفسك لكي تقول “لا” في بعض الأحيان، وأن “تتوقف” متى ما لزم الأمر، وأن تترك لنفسك “خط رجعة” فإن كان مسارك في الطريق السليم ستتمكن من العودة دون أن تفقد السيطرة على نفسك.