2024
Adsense
مقالات صحفية

الحقوق الزوجية في الإسلام (١٠)

د. عبد الحكيم أبو ريدة

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. وبعد،
فمن الحقوق التي أوجبها الإسلام للزوج على زوجته (تأديبها وتهذيبها بالمعروف اللائق بمكانتها).
وقد جاء الحكم الشرعي بذلك في قوله تعالى:(الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا). [سورة النساء:34].
والمعنى أن الرجال يقومون على شئون النساء، من الرعاية والنفقة والتأديب، وغير ذلك مما تقتضيه مصلحتهن؛ وذلك بسبب ما فضل الله به الرجال من قدرة على تحمل أعباء الحياة ومطالبها وتكاليفها، وما يستتبع ذلك من دفاع الرجال عن النساء، إذا ما تعرضن لسوء من أحد، ووجوب إنفاق الرجال على النساء في حالة قيام الحياة الزوجية بينهما.

ثم قسمت الآية النساء إلى قسمين:
القسم الأول: صالحات مطيعات أزواجهن، حافظات الأسرار، وكل ما يجب حفظه من عرض أو مال، أو غير ذلك مما تقتضيه الحياة الزوجية.
والقسم الثاني: الزوجة الناشز، والنشوز هو العصيان وخروجهن عما تقتضيه الحياة الزوجية، من تعاون بعيد عن التعالي والتطاول.

وقد سلك التشريع الحكيم مع هذا النوع من الزوجات مراحل متدرجة، مرحلة الوعظ الذي يؤثر في نفوسهن، والنصح الذي يوجههن إلى الخير والفضيلة، وتذكرهن بحسن عاقبة الطاعة، وسوء عاقبة المعصية، وعليكم إن لم ينفع الوعظ والنصح، أن تعتزلوا أماكن نومهن، فإن لم ينفع معهن الوعظ والهجر في أماكن النوم، فاضربوهن ضرباً غير شديد؛ بحيث لا يخدش عضواً من الأعضاء.

وقد اتفق جمهور الفقهاء على أن من الواجب على الزوج أن يسلك في معالجته زوجته تلك الأنواع الثلاثة على الترتيب الذي جاء في الآية الكريمة، بأن يبدأ بالنصح، ثم بالهجر، ثم بالضرب البعيد عن الوجه.
فإن رجعت الزوجة عن النشوز إلى الطاعة، واستجابت لما أمر الله به، فلا يجوز للزوج أن يعتدي عليها، ولا يسيء إليها بأي لون من ألوان الإساءة، فإن قدرة الله على الأزواج، وعلى عقابهم أعظم وأشد من قدرتهم على زوجاتهم.

وتعد هذة الآية دستورا حكيما، لما يجب على الأزواج نحو زوجاتهم، ولما يجب على الزوجات نحو أزواجهن، بأسلوب لا يحابي ولا يظلم؛ لأنه توجيه من الله تعالى الذي (أَعْطَىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ).[سورة طه:من الآية 50].
والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights