صدقة تصنع يومي
علياء العامرية
إِن الله عَزَ وَجَل حَثَنا عَلَى الصَدَقَةِ، وَذَكَرَ الصَدَقَةُ في القُرآنِ الكَريمِ، وَرَسولنا الكَريم عَلَيهِ أَفضَلُ الصَلواتِ وَأَتَمُ التَسليم حَثَنا عَليها أَيضا في قوله: “الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار.”
وجُل هذا الكلام يعرفهُ البَعضَ ويُطَبِقَهُ وللهِ الحَمدُ والمِنة.
لكن هُناكَ صَدَقَةٌ مُختَلِفةٌ عَن غَيرِها مِنَ الصدقات، وهذهِ الصَدَقَة كَفيلة بِأَن تَصنَعَ يوم سَعيد في حياةِ الغَنيِ والفَقيرِ، كَفيلة بِأَن تَصنَعَ عُمُر بِأكملِهِ.
إِنهُ الدُعاء، يَصنَعُ ما لا يُجيدُ صُنعَهُ المال، ويُحَقِقُ المُعجِزات، يُذهِبُ الأحزان، ويشفي قلوب أرهقها الأرق، ويروي نفوسا أتعبها الضمأ.
إن هذهِ الصَدَقة تحديدا لَها الأثر العميق على المُتَصَدِق، والمُتَصَدَقُ عَلَيهِ، فالمُتَصَدِق عِندما يدعو لِغيرِهِ يَكتب الله لَهُ الأجر، وترد عليه الملائكة: “لك بالمِثل” ، أما المُتَصَدَق عَلَيهِ فإنهُ يَشعُرُ بِسعادةٍ لا تُفارِقُ روحه، وبِسلامٍ يَعُمُ في أرجاءِ نَفسه، ورُبما توفيق وسداد مِن الله جل في عُلاه.
إنهُ كَثير الدعاء لِكُلِ مَن يُقابله، صغيرا كان أَو كَبير، دُعاءه لَنا بالتَوفيق كان كَفيل بِأَن يجعل يَومَنا عامِر بالسعادة، وحينما وَصَف لَنا الجَنة ذات مَرَة قُلتُ لزَميلتي: هَل فِعلا سَتُرافقنا السَيدة عائشة إلى الجَنة؟ شَعَرتُ بِسعادةٍ عَميقة، وتَخيلتُ الجَنَة ونعيمَها، وتَخَيلتُ أَن الله استجاب دُعاءه، والسيدة عائشة أَصبَحَت لا تُفارِقُ خيالي، وكُلما شَعَرتُ بالحُزنِ أتذكر دعاءه وأبتسِم.
وذات مرة تصدقَت عَلَيَ إحداهُن بِورَقَةٍ عَلَقَتها على بابِ غُرفَتي كتبت فيها: { وفقكِ الرحمن وسدد خُطاك } .
إن تِلك الورقة الصَغيرة هي أجمل هَديةٍ بالنِسبةِ لي ، وصَدَقة عظيمة غَيَرَت حياتي كَثيرا.
الدعاء صدقة لا تُكلفنا مالا, ولا تُتعبنا، بل تُسعدنا وتجعل حياتنا مليءة بالصفاءِ والنقاء، والله عز وجل يستحي أَن يرد عبدا دعاه فَكَيف بعبدٍ لا يلهج لسانهُ إلا بالذِكرِ والدعاء؟؟
هُناكَ آيات تَحثنا على الدعاء للمُسلمين والمُسلِمات كقوله تعالى: ” رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا
28 نوح
وفي قوله جل في علاه: ” – “رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ” سورة ابراهيم الآيات 40 – 41
هنيئا لِمَن عود لِسانهُ على الدعاء, فرُب دعاء يشفي مرضا عَجز الأطباء عَن عِلاجه، أو كرب عجز العالم بِأسره عن تفريجه، فالدعاء كنزٌ لا يُقدَرُ بِثمن.