معنيون في الشأن الأكاديمي والإداري يؤكدون أن إنشاء الأكاديمية السلطانية تعد حدثا تعليميا يضاف إلى منظومة التدريب والتأهيل الإداري في سلطنة عُمان
مسقط – العُمانية
أوضح عدد من المختصين في الشأن الإداري والأكاديمي أن المرسوم السلطاني رقم (2/ 2022) القاضي بإنشاء الأكاديمية السلطانية للإدارة وتحديد اختصاصاتها واعتماد هيكلها التنظيمي تحت الرعاية الفخرية لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم / حفظه الله ورعاه/ يعد حدثا تعليميا نوعيا، يضاف إلى منظومة التدريب والتأهيل الإداري بسلطنة عُمان.
وأكد السيد زكي بن هلال البوسعيدي الرئيس التنفيذي لمعهد الإدارة العامة سابقًا لوكالة الأنباء العُمانية أن صدور المرسوم السلطاني السامي بإنشاء الأكاديمية السلطانية للإدارة يؤكد الاهتمام والرعاية السامية من لدن جلالة السلطان المعظم /حفظه الله ورعاه/ بالموارد البشرية.
وأضاف أن الأكاديمية ستعمل على الارتقاء بقدرات الموارد البشرية العمانية في القطاعين العام والخاص بما يتوافق مع متطلبات وأولويات تنفيذ رؤية “عمان ٢٠٤٠”.
وأوضح أن التدريب والتأهيل الموجه الذي يتسم بالجودة والأثر منه، هو ما ستعمل عليه الأكاديمية خلال المرحلة القادمة وستشكل نقلة نوعية في مسيرة التدريب بسلطنة عُمان من خلال التركيز على الجوانب التخصصية والمهنية في الإدارة.
من جانبه قال يحيى بن خميس الحسيني الرئيس التنفيذي لمركز مسقط للاستشارات الإحصائية وباحث دكتوراه في مجال القيادة والإدارة، أن الأكاديمية ستُسهم بشكل كبير في تحسين الأداء الحكومي من خلال بناء ورسم خطط عمل واضحة مقرونة ببرامج ودورات وحلقات تدريبة لتنمية المهارات الاستراتيجية للقادة والموظفين حيث إن هذه المهارات ستسهم في بناء الكوادر، وكيفية التعامل مع الآخرين داخل السياقات الوظيفيّة، والاجتماعيّة، ما يؤدي إلى التطوير في مهاراته، وقدراته في التعامل مع الآخرين.
وتوقع أن الأكاديمية ستشكل إضافة لتجويد الأداء الحكومي من خلال تطوير القدرات المؤسسية والسمات الشخصية لدى القيادات العليا ما يسهم في تحقيق الاتّزان في الرضا المؤسسيّ والتنظيميّ، وتحقيق رغبات جميع الأطراف سواء أكان ذلك داخل المؤسسة أو خارجها.
وأشار إلى أن سلطنة عمان تسعى من خلال أهداف رؤية “عُمان 2040” إلى تحسين تصنيف عمان ضمن مؤشر الابتكار العالمي لتصبح من أفضل 20 دولة، وتحسين تصنيف السلطنة ضمن مؤشرات الحوكمة العالمية – الكفاءة الحكومية – لتصبح من أفضل 10 دول وتحسين تصنيفها ضمن مؤشر التنافسية العالمية لتصبح ضمن أفضل 20 دولة حيث ستُسهم الأكاديمية من خلال تكامل الأدوار بين المؤسسات في توفير البيئة المناسبة والملائمة لتطوير الكفاءات وتزويدها بالمنهجيات والأسس العلمية في مختلف المجالات الإدارية.
فيما أوضح الدكتور عبيد بن سعيد الشقصي أستاذ الاتصال الجماهيري المساعد، أن إنشاء الأكاديمية السلطانية نظرة ثاقبة من جلالة السلطان المعظم / حفظه الله ورعاه / لتحقيق متطلبات المرحلة القادمة ويتضح ذلك من خلال رفع مكانتها وقربها من جلالته ما يعكس حرصه على نجاحها والرغبة الأكيدة على أن تقدم برامج مستقلة وتستجيب لحاجات التأهيل والتدريب الوطنية للمرحلة القادمة.
وأضاف أنه ونظرا لهذه الرؤية، فإن معايير الجودة ومعايير الالتحاق بالأكاديمية سوف تكون تنافسية وليست مجرد معايير عادية، كما أن إنشاء الأكاديمية يعزز من توحيد الجهود خاصة بعد إلغاء معهد الإدارة العامة ومعهد تطوير الكفاءات، ومن المؤمل أن تسهم الأكاديمية في بناء القدرات والتأهيل النوعي في العلوم الإنسانية والتطبيقية على حد سواء.
وفي السياق ذاته قال الدكتور رجب بن علي العويسي، خبير الدراسات الاجتماعية والتعليمية بمجلس الدولة أن المرسوم السلطاني رقم (2/ 2022) القاضي بإنشاء الأكاديمية السلطانية للإدارة يضاف إلى منظومات التدريب والتأهيل الإداري بسلطنة عمان.
وأضاف: إن الميزة النسبية التي تتميز بها الأكاديمية للاعتبارات التي أشار إليها المرسوم السلطاني والتي يمكن أن تستخلص من مواده، بما يمكن أن تقدمه هذه الأكاديمية من مبادرات جادة وبرامج تدريبية متخصصة في مجال الإدارة وعملياتها المختلفة، باعتبارها بيت خبرة وطني يضم كفاءات عالمية ووطنية في الإدارة وعملياتها المختلفة من توفير فرص أكبر لتقديم الاستشارات وأعمال الخبرة لمنظومة الجهاز الإداري للدولة، وفي الوقت نفسه تدريب القيادات العليا بالدولة على مستوى الوزراء والوكلاء ومن في حكمهم في كل ما يتعلق بمنظومة الإدارة والتحولات الحاصلة فيها.
وأوضح بأن إنشاء هذه الأكاديمية يُعد حضورا نوعيا في رسم مسار الأداء في الفترة القادمة، عبر ما تقدمه من مبادرات وبرامج وخطط تساند مؤسسات الجهاز الإداري للدولة في تنفيذ اختصاصاتها، وفي الوقت نفسه كونها بيئة تعليمية تدريبية متكاملة يمكن أن تُشكل فرصة للمزيد من التكامل في منظومات التدريب الوطنية ، وفرصة تصنع للإدارة حضورا أوسع في فقه العمل الحكومي من منطلق أنه التحدي الأكبر الذي يواجه منظومة العمل الحكومي خاصة تلك المرتبطة بالهدر وفاقد العمليات المتكررة ناتج عن إشكالية إدارية في الأساس، الأمر الذي يمكن لهذه الأكاديمية من خلال الميزة التنافسية التي تتمتع بها والمستوى التنظيمي الذي تتعامل معه أن يسهم في تعزيز دورها الاستراتيجي في بناء القدرات الوطنية ورسم استحقاقات نجاح تنعكس على جودة الأداء الحكومي وتعامله مع معطيات المرحلة ، ذلك أن المستوى التنظيمي لهذه الأكاديمية يؤهلها لتضم العديد من المعاهد والمراكز البحثية والعلمية في مجال الإدارة والتدريب.
وتحدث الدكتور حميد بن سيف النوفلي مدير دائرة قطاع الثقافة في اللجنة الوطنية العمانية للتربية والثقافة والعلوم، المتخصص في الإدارة والتنمية عن الدور المؤمل للأكاديمية السلطانية للإدارة، موضحا أن المرسوم السلطاني السامي القاضي بإنشاء الأكاديمية السلطانية للإدارة يأتي وسلطنة عمان تشهد مرحلة جديدة من العمل الوطني ترتكز على تنمية مطردة وتنطلق لتحقيق رؤية “عمان 2040”.
ولفت إلى أن هذا التوجه بحد ذاته ممكن آخر ضمن ممكنات الرؤية الطموحة للاقتصاد العماني، ويمكن القول بكل اطمئنان أن العناية بالجانب الإداري لكل دولة يُعدُّ مفتاحًا للتقدم الاقتصادي وداعما لتحقيق أهداف التنمية المستدامة الشاملة، ووجود نماذج عالمية ناجحة في هذا المجال يؤكد ذلك.
وأوضح أن هناك آمال كبيرة لهذه الأكاديمية على كافة المستويات والقطاعات العام والخاص دعماً للاقتصاد العماني ليكون اقتصادا منتجا ومنسجمًا مع توجهات الاقتصاد العالمي الحديث الدائم.
من جانبه قال الدكتور محمد بن فايل العريمي الأستاذ المساعد بكلية صور الجامعية إن الانتقال بالسلطنة نحو المستقبل، لابد أن يقوم على قيادات وطنية متمكنة وكوادر بشرية مؤهلة، وأنظمة وتشريعات حديثة، توظف تقنيات المستقبل وتقوم على المعرفة والابتكار.
وأشار إلى أن المرسوم السلطاني السامي القاضي بإنشاء الأكاديمية السلطانية للإدارة جاء ليمثل رؤية ثاقبة ونظرة حكيمة من لدن جلالته – أيده الله – لتواكب التغيرات التنظيمية والإدارية التي سبقت إنشاء الأكاديمية والتوجهات التنموية المتطورة لرؤية “عمان 2040″، التي وضعت هدفها الاستراتيجي الانتقال بالسلطنة إلى مصاف الدول المتقدمة، ولا يتحقق ذلك الا بتكامل تطوير كافة قطاعات الدولة، ويأتي إنشاء الأكاديمية لتمثل الذراع التطويري التنموي لكافة قطاعات الدولة المختلفة، موضحا أنه من المؤمل أن تسعى الأكاديمية السلطانية للإدارة إلى أن تكون وحدة تنظيمية حديثة ومتطورة تمتاز بالمرونة والابتكار وتوظف التكنولوجيا وتستثمر في المعرفة وتستشرف المستقبل.
واختتم العريمي قائلا: إن إدارة عملية التطوير في ظل عالم يعج بالتغيرات والتحولات الجذرية المتسارعة لابد له من أجهزة متمكنة تدير عملية التغيير ومن المنشود أن تقوم الأكاديمية بهذا الدور وأن تُسهم في مواكبة تحقيق متطلبات رؤية “عُمان 2040″، ودعم مسيرة التنمية الإدارية المستدامة في سلطنة عُمان.