بدرية بنت حمد السيابية
تمرّ السنوات بسرعة البرق وتُعيد لنا الذكريات المؤلمة ،العاشر من يناير هو ذكرى وفاة سلطاننا قابوس بن سعيد المعظم طيّب الله ثراه، والحادي عشر من نفس الشهر هو ذكرى تولّي السلطان هيثم بن طارق المعظم حفظه الله ورعاه مقاليد الحكم.
يرحل رجل الحكمة والسلام بعد عُمر قضاه بين ربوع الوطن وبين شعبه الوفيّ، مؤسس النهضة المباركة، فحقّق الله على يديه سعادة أبناء عمان، ومن قال:
”سنعلّم أبناءنا ولو تحت الشجر”، فانخرط الناس في التعليم زرافات ووحداناً، رجالاً ونساءً، شِيباً وشباباً، مُيمّمين شطر المدرسة والمعهد والجامعة، فانتشر التعليم وعمّت مؤسساته كلّ شبر في عمان.
قابوس بن سعيد، الخالد في ذاكرة الأجيال والآباء، والماجد في ذاكرة الوطن، الأرض والدولة والإنسان.
كنا نعتقد بأن هذا الرجل سيبقى خالداً لن يموت – كنّا صغاراً ننشد باسمه النشيد الوطني:
“أبشري قابوس جاء” وصورته معلقة بين أحضاننا وما زالت في قلوبنا لن تموت، ومطبوعة في كتبنا في كل مناسبة وطنية يشارك شعبه، يستمع إليهم وينصت لهم ويحقق مطالبهم، همّه إسعاد شعبه، أفنى حياته في توفير كل سُبل الراحة والعيشة الكريمة لهم، كما ورد في أول خطاب سامٍ في عام 1970:
“أيها الشعب الكريم، سأعمل بأسرع ما يمكن لجعلكم تعيشون سعداء لمستقبل أفضل، وعلى كلّ واحدٍ منكم المساعدة في هذا الواجب”.
كُنا نسعد لمشاهدته في خطاباته، الجميع ينتظره خلف الشاشة الصغيرة ” التلفاز”.
عاش العمانيون في ذلك اليوم الصعب من تاريخهم أوقاتاً عصيبة وقاسية جداً لم يجرّبوها من قبل، ولم يتصوروها رغم حتمية الموت وحقيقته التي لا جدال فيها؛ فلم يكن السلطان قابوس بالنسبة لهم مجرّد سلطان يرحل فيعقبه سلطان آخر، رغم أن الخلف سلطان عظيم من نسل عظماء، رغم الظروف الموجعة التي مرّ بها سلطاننا هيثم من رحيل السلطان قابوس بن سعيد المعظم طيّب الله ثراه وتولّي الحكم _ إلا أنه يقف بثبات ودعوات طيبة من شعبه الوفيّ لتكملة مسيرة التنمية والعطاء.
في يومٍ حزين يعلَن عن رحيل أعزّ الرجال وأنقاهم، رحل مَن كان يَسعد القلب لرؤيته، رحل ورحلت فرحتنا معه، ومالنا غير الرضا بقضاء الله وقدره.
رحل حبيب الشعب، رحل وترك القلوب تشتاق له يوماً بعد يوم، لن ينساك شعبك الوفيّ يا مولاي، رحمة الله تغشاك، ونسأله تعالى أن يكون قبرك روضة من رياض الجنة _اللهم ارحم السلطان قابوس بن سعيد المعظم وبارك في عُمر السلطان هيثم بن طارق المعظم واكتب لوطننا الأمن والأمان والاستقرار على طول الأزمان.
