ستبقى في الذّاكرة..
فؤاد البوسعيدي
(رثاء.. سليمان بن حمد المحروقي)
لله ما أعطى ولله ما أخذ، وأحسن الله عزاء كلّ من باعد الموت بينه وبين كلّ فقيد أو فقيدة؛ يفرّقنا قدر الموت عن الأحبـّة، فلا نملك من الخيارات سوى أن نطلب لأولئك الرّاحلين أعلى درجات الرّحمة والمغفرة وجنّات النّعيم، ولسنا بعدها نملك ونرث عنهم سوى أمورٍ مادية نحفظها إلى أن يشاء الله، فربّما تندثر التّركة بعد حين؛ وكذلك أيضاً قد نملك عنهم أموراً تكاد تكون معنوية قد تحيا معنا إلى الأبد دون أن تندثر.
نواجه ونسمع ونقرأ أحياناً تساؤلات من بعضنا عن: ما الإرث الذي قد يودّ أن يتركه للآخرين في يومٍ ما؟ ويتساءل بعضنا عن ماهيّة الميراث الذي سيتركه لأهل بيته في المستقبل، ويتذمّر بعض آخر عندما يكون نصيب الميراث الذي يُترك له من بعد وفاة أحد الوالدين قليلاً، أو ربما لا شيء!!!
الإرث أو الميراث الذي يتركه لك الآخرون والغالبية عندما تتحدث إليهم عن ذلك؛ سيذهب تفكيرهم مباشرة إلى الأموال والماديات المختلفة..؛ لكن هنالك نظرة مختلفة إلى معنى الإرث سيكون لها الأثر في تغيير مفهومها ومعناها عند كلّ من ذلك؛ إذ إنّـه ليس بالضرورة أن يكون الإرث هو مبلغٌ كبيرٌ من الأموال، أو حتى حفنة قليلة من بعض الدّراهم التي تؤول إليك، فتلك الماديات رغم أنّها قد تُثريك وتُغنيك في دُنياك، وتغيّر حياتك؛ فإنّك إن لم تقم بالمحافظة عليها واستثمارها بطريقة جيدة ومفيدة؛ فستراها تنقص عنك يوما بعد يوم إلى أن تصل إلى اليوم الذي تجد نفسك فيه، وقد بتّ لا تملك ممّا ورثته من مالٍ وحلالٍ شيئاً.
لتعلم وأنت تمضي في حياتك بعد رحيل من تحبّ عنك بأنّ أعظم إرث قد يترك لك في قادم أيام عمرك هو أن تلُامس وتشعر بتلك اللحظات التي تشاهد فيها ومعها بامتداد محبّة النّاس واستمراريتها على الرّغم من مغادرة أحد الوالدين ومفارقته الحياة الدّنيا، نعم، فذلك هو الإرث أو التّركة الخالدة التي ستتمنّى دوماً ألا تضمحل أبداً عنك.
فقُل الحمد لله دائماً عندما تشعر بكل من حولك، وهم يسألون عنك وعن أحوالك، أو عندما يأتيك أحدهم قريباً كان أم بعيداً من النّاس بين الحين والآخر، وهو يستذكر الخصال الحميدة التي كانت ظاهرة بالقول والفعل عند من فقدته؛ فيُشعرك من خلال كلماته بضخامة الإرث الذي تُرك لك من فقيدك أو فقيدتك.
رحم الله سليمان بن حمد المحروقي، ورحم موتانا وجميع المسلمين.