نحن من صنعناهم
حمدان بن سعيد العلوي
مدرب في الإعلام والعلاقات العامة
في حياتنا بشكل عام نواجه مختلف الشخصيات، نتعامل مع هذا التنوع بحسن الظن، لكل شخص أفكار وصفات مختلفة عن غيره، يحب أشياء، ويكره أخرى، تلك الأمور هي التي تكوّن شخصيته، وتجعله «متفردا» عن الآخرين؛ لذلك أنواع الشخصيات في علم النفس متعددة ومثيرة، وقد تكون صعبة في بعض الأحيان.
لن أتحدث كثيرا عن تلك الشخصيات؛ فبإمكان كل منا البحث والتعرف عليها، وما أستغربه من بعضهم في التعامل حين يدرك تماما أنه في تعامله يجد من يستغله للوصول إلى أهدافه ومبتغاه، وتكثر هذه الأنواع في مكان العمل؛ حيث يتسيد هؤلاء المواقف دائما، ويظهرون في الصورة، ويدعون الإنجاز رغم أنهم صعدوا على أكتاف غيرهم، تتكرر تلك الأحداث دائما، ويزداد الاستياء، ولكنهم يعاودون ذلك؛ لأنهم وجدوا مبتغاهم بكل يسر.
أذكر في بعض اللجان التي عملت بها؛ حيث سعيت جاهدا لإنجاح العمل، ولكن في الأخير تصدر المشهد شخص واحد، تحدث عن نفسه، ولم يذكر باقي الأعضاء منفردا بالإنجاز، صفق الجميع مشيدا بهذا النرجسي، وعند التكريم حصل على أضعاف مضاعفة عن الجميع، أدركت حينها أننا نحن من صنعناهم.
هناك أشخاص في حياتنا لا يستطيعون العيش في مختلف مجالات حياتهم بدون الصعود على أكتاف غيرهم، يحصدون ما يزرعه غيرهم، ويقطفون ثمار ما بذله غيرهم من جهد وعمل، نعم، يسرقون جهود الناس ونجاحهم، ويهمشون الآخرين.
هم كالنباتات المتسلقة لا يهتمون لظلم الناس، وكم صعدوا على الأكتاف! دائما ما يعتلون المنصات؛ للظهور، وخطف الأضواء من أصحاب الجهد الحقيقيين.
يُبْتَلَى المرءُ بمعاشرة هذه الأصناف السيئة من الناس، فهم كالحرباء يتلونون، ويتبدلون في كل المواقف، فصفاتهم الخيانة، والغدر، والخداع، نحسبهم خيرة الناس وصفوة المجتمع، فإذا انتهى منك لا يترك فيك حسنة ولا خصلة حميدة إلا وقبحها.
يتظاهرون بالحسن والطيبة والإخلاص، ونظنهم أقرب إلى الله بأفعالهم التي نرى أنها حسنة، نقدمهم على أنفسنا في المجالس والملتقيات، كما نرى أنهم يقدمون فعل الخير على مصالحهم الشخصية.
يظهرون لنا الجانب المشرق؛ حتى يصلوا إلى القمة على حساب غيرهم، لا يخجلون من فعلتهم، فلا يهتمون إلا بأنفسهم، صفاتهم النفاق والكذب أينما وجدوا يبحثوا عن المقاعد الأمامية؛ للظهور أمام عدسات التصوير.
نأسف على ذلك، وعلى حال من يخضع لهم وهو على علم بما يفعلون، رغم الاستياء منهم إلا أنهم دائما ما يقدمونهم على أنفسهم، فنحن من صنعناهم، ونساندهم على هضم حقوقنا وحقوق غيرنا، ولن نتخلص منهم ما دمنا نحابيهم، ونسير خلفهم، نحن من حرث وزرع وهم من يحصدون الثمار.
يقال: من صعد سريعا يهبط سريعا، ولكننا نراهم يستمرون في الصعود، هل تعرف لماذا؟
لأنهم وجدوا من يساندهم، ومن يحني رأسه لهم؛ ليصعدوا على كتفه.
ونقول: لا تكن جسرَ عبورٍ لغيرك ما دام سينكر جميلك له، وما فعلته من أجل صعوده للقمة، تعلم كيف تقول: “لا” ومتى ولماذا؛ كي تسلم من قهر الظلم والاستغلال.