تحتفل صحيفة النبأ الإلكترونية بالسنة السادسة لتأسيسها
Adsense
مقالات صحفية

الإنسان أكثر حاجةً إلى النظام (ج٢)

{حفظ العرض}

عبدالله بن حمد الغافري
Alssedq@hotmail. com

سبحان الله العظيم، ماذا سأقول في هذا الجانب ومن أي باب سأدخل؟ ويبقى العقل في حيرة عجيبة مما تراه أعيننا في عالمنا المعاصر من انحراف عن الفطرة ومن زيغٍ خالف كل التصورات حتى وصل بالإنسان الأمر إلى الزواج المثلي والسحاق _ أكرمكم الله _ بل نتجت مجتمعات لقيطة بأكملها تحت وطأة الزنا المحرم والتفسخ الأكثر من بهيمي، حتى أنجب الذكر والأنثى قبل عقد زواجهما في بلدان تدّعي التحضر والمدنية، وحتى تشتّت الأبناء لآباء مجهولين لم يستطع كشفهم حتى مركّب ( DNA) الوراثي، وهذا يظهر الإعجاز النبوي في عدم الاعتراف بابن العهر كما في حديث (الولد للفراش وللعاهر الحجر).

إن تنظيم الإسلام للعلاقة الجنسية للبشر لهو أمر غاية في الأهمية والنضج والسعادة لبني آدم فهناك المحرمات من النساء الأربع عشرة المذكورة في سورة النساء والمحرمات بالرضاع والمحرمات وفق السنة النبوية الشريفة على صاحبها أفضل الصلاة والتسليم وبيان الحكمة من ذلك لِما يكون فيها من روابط القربى وخطورة انتقال الأمراض الجينية الوراثية ثم ياتي بعد ذلك إطلاق الزواج من الحرائر الكريمات وشؤون العفة وبيان تعدد الزوجات والحقوق والواجبات والصداق والوليّ وحفظ النسل وما ينتج عنه من اتّساع الروابط الأسرية واجتماع قطاع عريض من البشر على مبادئ التراحم والمودة وحفظ النوع.

كما أن قضاء الوطر والمتعة الحلال واقعة دون شكّ لكنها في إطارٍ من العفة والشرف والكرامة حتى لا تهيج النفوس غيرةً وحنقاً على هتك الأعراض؛ فيحيا الزوجان في سعادة وهناء ويسعد المجتمع بالطهارة والنقاء ويتم إمداد الأمة بنسلٍ جديد يتمتع بصحة جسدية سليمة وراحة نفسية نفيسة ونماء وجداني عظيم وطموح إلى المشاركة في البناء والتعمير والقدرة على تسلّم راية تكاليف الحياة والإحسان للوالدَين وحفظ الحقوق وصِلة الأرحام وعمارة الأوطان بهمة واقتدار وليس مجرد شباب بلغوا الثامنة عشرة من العمر ليجدوا أنفسهم في الشارع تنهشهم الذئاب وتحتويهم عصابات الإجرام والتخريب لتصنع منهم معاول هدم لكل خير، معاذ الله تعالى.

إن نظرة العالَم في زماننا إلى العلاقة بين الرجل والمرأة على أنها مجرد متعة وأن الحرية تقتضي أن يقضي كل من الجنسين حاجاته الفطرية بإنشاء علاقة كيفما كانت، وعلى أي شكل كان، هو الجنون بعينه؛ إذ يعني ذلك هدم للأسرة وتقويض أركانها كما يعني ذلك تشتت الإنسان واختلاط أنسابه بل ضياع جنسه البشري وهو ما لا يرضاه كل ذي عقل بل ذلك مما يغضب الله تعالى ويأذن بقيام الساعة لكثرة أبناء الزنا.

وهذه أمتنا العربية التي تعتز بأجدادها وانتسابها إلى أصولها لآلاف من السنين خلت، حتى جاء الإسلام ليعزز ذلك بتشريع نظام الأسرة وأن الإنسان ليس كالبهيمة بل له كرامته وشرفه، وقد ورد تحريم العلاقة المحرمة (الزنا) بين آيتي تحريم القتل في الموضعين وهما سورتي الأنعام والإسراء:

(۞ قُلۡ تَعَالَوۡا۟ أَتۡلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمۡ عَلَیۡكُمۡۖ أَلَّا تُشۡرِكُوا۟ بِهِۦ شَیۡـࣰٔاۖ وَبِٱلۡوَ ٰ⁠لِدَیۡنِ إِحۡسَـٰنࣰاۖ وَلَا تَقۡتُلُوۤا۟ أَوۡلَـٰدَكُم مِّنۡ إِمۡلَـٰقࣲ نَّحۡنُ نَرۡزُقُكُمۡ وَإِیَّاهُمۡۖ وَلَا تَقۡرَبُوا۟ ٱلۡفَوَ ٰ⁠حِشَ مَا ظَهَرَ مِنۡهَا وَمَا بَطَنَۖ وَلَا تَقۡتُلُوا۟ ٱلنَّفۡسَ ٱلَّتِی حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلَّا بِٱلۡحَقِّۚ ذَ ٰ⁠لِكُمۡ وَصَّىٰكُم بِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ)
[سورة الأنعام 151]

(وَلَا تَقۡتُلُوۤا۟ أَوۡلَـٰدَكُمۡ خَشۡیَةَ إِمۡلَـٰقࣲۖ نَّحۡنُ نَرۡزُقُهُمۡ وَإِیَّاكُمۡۚ إِنَّ قَتۡلَهُمۡ كَانَ خِطۡـࣰٔا كَبِیرࣰا ۝ وَلَا تَقۡرَبُوا۟ ٱلزِّنَىٰۤۖ إِنَّهُۥ كَانَ فَـٰحِشَةࣰ وَسَاۤءَ سَبِیلࣰا ۝ وَلَا تَقۡتُلُوا۟ ٱلنَّفۡسَ ٱلَّتِی حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلَّا بِٱلۡحَقِّۗ وَمَن قُتِلَ مَظۡلُومࣰا فَقَدۡ جَعَلۡنَا لِوَلِیِّهِۦ سُلۡطَـٰنࣰا فَلَا یُسۡرِف فِّی ٱلۡقَتۡلِۖ إِنَّهُۥ كَانَ مَنصُورࣰا)
[سورة الإسراء 31 – 33]

وذلك ليدل على أن هذه المعاملة هي قتل في معناها الحقيقي بل هي أشد من القتل فهي قتل للشرف وهتك للأعراض وهي قتل لذلك الولد الذي سيكون حاقداً على مجتمعه الذي يزدريه بدون ذنب، أو تحتويه مراكز الأيتام كالمقطوع من الشجرة ولا حول ولا قوة إلا بالله.

والأغرب في هذا كله أن تقبل العديد من الحكومات التي تحكم مجتمعات مسلمة، تقبل إملاءات أعداء الله ورسوله في الدعوة إلى تقبّل مثل هذه الأمور تحت غطاء الحرية الشخصية وحرية الفكر وحرية الممارسة وحقوق المرأة ونحو ذلك من الأقنعة الخبيثة بل ويروّج لها في الفنادق والمنتجعات وغيرها ويروج لها بترك الحشمة والستر ومجاوزته نحو اللباس الفاضح ( كاسيات عاريات) وما هي إلا محاربة لله ولرسوله وردّ لأحكام القرآن وحسد كبير للمجتمع المسلم الكريم المحافظ الشريف، فهؤلاء الأعداء لا يريدون أن يكونوا كالشامة العفنة في الجسد السليم حتى لا يُكشف عوارهم (وَدُّوا۟ لَوۡ تَكۡفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا۟ فَتَكُونُونَ سَوَاۤءࣰۖ فَلَا تَتَّخِذُوا۟ مِنۡهُمۡ أَوۡلِیَاۤءَ حَتَّىٰ یُهَاجِرُوا۟ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِۚ… )
[سورة النساء 89]

بل يريدون أن يقلدهم كلُّ الناس في إجرامهم كي تصبح المرأة مجرد لعبة للمتعة والتلذذ بالحرام ولو على حساب حياة المجتمع وسلامة الكرة الأرضية التي هي وطننا جميعًا فلله الحمد والمنة أن جعلنا مسلمين والحمد لله رب العالمين.
إن مخاطر انتشار الفاحشة كبيرة في الدنيا وفي الآخرة ويكفي انتشار الإيدز والسيلان والبروستاتا والأمراض الوراثية الأخرى الخطيرة الناتجة عن ممارسة الرذيلة _أكرمكم الله_ مما يكلف الحكومات مصاريف العلاج أو فقدان الطاقات الفاعلة بالوفاة والعجز الصحي المشاهَد في الجنسين، ولا حصانة للمجتمع من ذلك إلا باتباع أوامر الله جلّ جلاله واجتناب نواهيه.

(بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِیمِ قَدۡ أَفۡلَحَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ۝ ٱلَّذِینَ هُمۡ فِی صَلَاتِهِمۡ خَـٰشِعُونَ ۝ وَٱلَّذِینَ هُمۡ عَنِ ٱللَّغۡوِ مُعۡرِضُونَ ۝ وَٱلَّذِینَ هُمۡ لِلزَّكَوٰةِ فَـٰعِلُونَ ۝ وَٱلَّذِینَ هُمۡ لِفُرُوجِهِمۡ حَـٰفِظُونَ ۝ إِلَّا عَلَىٰۤ أَزۡوَ ٰ⁠جِهِمۡ أَوۡ مَا مَلَكَتۡ أَیۡمَـٰنُهُمۡ فَإِنَّهُمۡ غَیۡرُ مَلُومِینَ ۝ فَمَنِ ٱبۡتَغَىٰ وَرَاۤءَ ذَ ٰ⁠لِكَ فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡعَادُونَ ۝ وَٱلَّذِینَ هُمۡ لِأَمَـٰنَـٰتِهِمۡ وَعَهۡدِهِمۡ رَ ٰ⁠عُونَ ۝

نلتقي في الجزء الثالث إن شاء الله تعالى.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights