ألوان نوفمبرية (3)
د. مصبح بن علي الكندي
مرت السلطنة منذ 1970 بحركة عمرانية نشطة شملت كل جوانب الحياة سواء الاجتماعية والتجارية والعلمية والصناعية ، وأهمها صنع الإنسان العماني ، فهو الهدف المنشود منذ فجر النهضة بقيادة السلطان الراحل رحمه الله السلطان قابوس بن سعيد ، فقد شملت النهضة حضارة الإنسان العماني وبناء الوطن والحفاظ على المكتسبات والدفاع عنها وتوطيد الأمن والأمان فيه بعد أن أصبح الجوع والفقر والجهل يفتك آنذاك بالأسرة العمانية وهي تكافح من أجل العيش مع الحفاظ على كرامتها وعزها ،وما يزال الشعب العماني يفتخر بحضارته ويوليها الاهتمام الأعظم ، فقد أخذ قائدها على عاتقه أن يبني عمان بعد أن وحَّدها تحت راية واحدة وأعاد لها هيبتها وحضارتها بين الأمم وفي المحافل الدولية والإقليمية ، فمن مدرسة واحدة إلى كليات وجامعات ومدارس شامخة نحو المجد تُخرِّج الأفواج والأجيال ليكون كما قال يدٌ تبني ويدٌ تحمل السلاح وأخرى تخطط للمجد والمستقبل السعيد حينما خاطب شعبه وناداهم بشعبنا العزيز ، كلمات هزَّت الوجدان العماني فهب أبناؤه معه لبناء عمان فأصبح لها صوتا وصيتا من أقصاها إلى أقصاها ، فرجع العمانيون من غربتهم ليلتفوا حول قائدهم والكل يضع نصب عينيه لبنائها وتوطيد عزمها ، ووضع القائد نصب عينيه مع العماني بالشراكة المجتمعية منهجا بعدم التدخل في شؤون الغير ، بل بناء عمان وبناء العقل بالفكر والعلم ونبذ الخلافات الاجتماعية ليكونوا صفا واحدا في المحافل الداخلية والخارجية وفي سعادة ورخاء .
يكن الشعب العماني لباني عمان كل الحب والاحترام فهو رائد الحضارة ومُجدِدها والكل شاهد على ذلك من الداخل والخارج، لن نسمع عن عمان إلا المحبة والتعاون فيما بينها وبين جيرانها والمجتمع الدولي ، فقد بنى لعمان مجدا تليدا، فنجد الصديق والبعيد والقريب يقدم التهاني لعمان في أعيادها والتعازي في ما يصيبها من كوارث طبيعية ، لأنها عمان وعمان قابوس المجد والوفاء ، لقد وعد فأوفى واستقام أمر عمان بين الشعوب، حيث ربط بين حضارة الماضي وحضارة اليوم ، فقد خلف الأجداد حضارة حافظ عليها السلطان وشعبه فغدا العمانيون رواد في البحار والسهول والجبال بل أصبحوا قادة يحتذى بهم في قيادة المجد بغض النظر عن التطلعات والتحديات فلا بد أن يكون هناك عقبات وتحدي وعراكا بين الفكر لكن كل حضارة تحتاج إلى عزم أكيد وعمل متواصل وجهد وتفان ، لقد كان السلطان الراحل مجدا وذخرا يذكره القريب والبعيد والصديق والعدو في ملاحم التاريخ ، لم تكن عمان عثرة في طريق الإصلاح ولا عثرة في طريق لَمْ الشمل بين الدول المتناحرة على مر العصور وخلال القرنيين الماضيين، الكل يتطلع إلى المجد الذي حققه العمانيون في فكرهم وتوجهاتهم في الحياة وتعاملهم مع مجرياتها ومقتضياتها فتوحد القلوب قبل الأجساد.
إن نداء الشعب العماني في محافل دولية وإقليمية ومحلية لتوطيد الأمن والأمان لشعوب العالم لشعب عمان ومن جاورها دين راسخ في أفكارهم، فلن تجد عمانيا لطَّخ يده بدماء الآخرين، بل كان رمزا للعطاء والتعمير .
لقد قاد السلطان قابوس عمان إلى مجد تليد سيذكره التاريخ وسيفقده كل من لم يستغل وجوده وحكمته وتوجيهاته وأفكاره ، سيكون دفترا خالدا في أذهان العمانيين وسيدرس في مناهجهم بل ومناهج العالم في جامعاتهم ومدارسهم .
إن منهج السلطان قابوس في التعامل مع القضايا الداخلية والدولية منهجا يحتذى به من حيث التوجه والإدارة والقيادة والتعامل مع المقتضيات وحل المشكلات وإدارتها ودفع عجلة التقدم وبدء الحوار والنقاش الهادف وسبل إنهاء الأزمات والخلافات ، وسعادة الإنسان العماني كان من أولوياته، كرَّس جهوده فيها ، حتى جاءه الأجل المحتوم، فقدنا أبا حنونا، فغاب عن أعيننا، لكنه في قلوبنا وذكرى الثامن عشر من نوفمبر لتعيد لنا مجدا وخطابا نسمعه كل سنة وإطلالته علينا بمنهج راسخ وتوجيه وتلاحم عماني مع القائد، لن ننسى ذلك مهما تقدم بنا العمر وسننقل ذلك إلى أجيالنا إدارته وعدله وفكره .
وفي الثامن عشر من نوفمبر الجاري تنتقل عمان إلى مرحلة أخرى من النماء والبناء والتقدم والتعمير تحت سلطان البلاد حفظه الله ورعاه، إنه السلطان هيثم بن طارق حفظه الله ورعاه وسدد إلى الخير خطاه، وعد بحمل الراية والتقدم والبناء لهذا الشعب الوفي ، سيلتحم العمانيون مع قائدهم في هذا اليوم ليسجلوا ملحمة أخرى وتاريخ حافل آخر يذكره التاريخ مع سلطانهم الذي يُكرِّس جهوده لتوطيد الأمن وتوفير الراحة لشعب عمان .
إن المجد والتقدم ليس مفروشا بالورود مع تقلبات العالم وعواصف الحروب وما يحيط بها من مشاكل في نواحي الحياة فعلينا أن نقف معه لرفعة ومجد عمان ونتفاءل بالخير لمجد عمان وسيعلوا شأنها وسيكون لها تاريخا يحكى بل تاريخا يكتب ويأخذ منه الحكمة والإدارة والفكرة والعقل السديد ، إن تاريخ عمان حافل منذ الائمة السابقين إلى اليوم الذي نلتحم معا في ملحمة التاريخ والتقدم لشاهد على ذلك مهما قلنا أو عصفت بنا الأحوال لكننا صامدون مع سلطاننا .
إن الشعب العماني دائما يسطر تاريخا عظيما لم تقرأ أو تسمع منه إلا كل فكرة وفكر عظيم كتبه العظماء وصاغه الحكماء ، تاريخ يحكي لنا على مر الأجيال كيف كانت عمان وكيف ستكون ومن قائدها وما هي إلا ملحمة تاريخية خالدة.
إن التقدم يحتاج منا أن نقف معا يدا واحدة وصفا واحدا ونبذل قصارى جهدنا للحفاظ على المكتسبات في كافة المجالات والتقدم والرخاء ومن أجل إسعاد هذا الشعب الوفي , ومن هذا المنبر فإننا نعاهد سلطان البلاد على التقدم والرخاء وعلى مواصلة الملحمة التي بدأت من أزمنة غابرة والحفاظ على المكتسبات بكافة أحوالها، سدد الله خطاك يا سلطاننا وسدد الله خطى الشعب العماني على العطاء والحفاظ على وطنة .كما أهنئ كل عماني على هذه الأرض الطيبة بهذه المناسبة العظيمة التي ينتظرها الشعب العماني بإطلالة جديدة تحمل بين طياتها آمالا وآفاقا للمستقبل ، وإطلالة جلالته على الشعب العماني فرحة وسعادة ، وكل عام والجميع بخير، وفقكم الله إلى كل ما يحبه الله ويرضى، وعمان أبية وراية خفاقة.