عش التجربة لتعشق المغامرة
هلال بن حميد بن سيف المقبالي
تبذل هيئة البيئة جل جهدها لحماية البيئة، وصون مواردها الطبيعية، والتأكد من سلامة البيئة، ومكافحة التلوث، والمحافظة على التوازن البيئي في إطار أهداف التنمية المستدامة، وقد تبنَّت هيئة البيئة هذه الفترة برنامج تطوعي، توعوي، تدريبي بمسمى “تارتل كماندوز”؛ يُعنَّى بحماية ومراقبة ورصد السلاحف البحرية، وتنظيف الشواطيء، و يهدف البرنامج إلى تشجيع فئة الشباب على العمل التطوعي البيئي، وتوعية المجتمع لضرورة نظافة الشواطيء لحماية البيئة البحرية من التلوث ، و حماية السلاحف البحرية التي تعشش في محمية السلاحف البحرية برأس الحد.
“تارتل كماندوز” حملة مكثفة لتنظيف شواطيء محمية السلاحف البحرية، والحفاظ على سلامة السلاحف والبيئة البحرية في هذه المنطقة، من جراء الاندثار البيئي للمحمية ، والزحف السكاني، وتخريب أعشاش السلاحف البحرية من قبل السياح و مرتادي شواطيء المحمية الممتدة إلى قرابة 46 كم، وعدم معرفتهم بقوانين ونظام السياحة في المحمية. وبازدياد حركة السياحة، و تزايد عدد السياح الزائرين لشواطيء هذه المحمية، في ظل جائحة(كوفيد 19)؛ استدعى تكثيف حملة التوعية والارشاد، والحماية في نفس الوقت و توفير أكبر عدد من الاشخاص، لهذه المهمة لمساندة القائمين و المشرفين على هذه المحمية لذلك تم اطلاق حملة “تارتل كماندوز”. لنجد شباب وشابات من مختلف محافظات السلطنه ، شمَّروا عن سواعدهم، والتسجيل في هذا البرنامج التطوعي، عندما ناداهم الوجب الإنساني قبل الواجب الوطني لحماية السلاحف البحرية، التي تُعدُ كنز من كنوز عمان المهددة بالتناقص، والانقراض، من جراء تلوث الشواطيء، و تلوث البيئة البحرية ، والزحف السكاني، والعبث بأماكن تعشيشها، وكذلك إزعاجها عندما تخرج للشاطيء لوضع البيض، فمن طبيعة السلاحف انها حساسة للغاية، وتنزعج من أقل حركة.
وتجسيدًا لمعاني الولاء والانتماء للوطن، فعُمان تستاهل منا الكثير وأقل واجب نفعله هو المشاركة في هذه الحملة الوطنية، كنت من المتطوعين الذين ساقت لهم الصدفة للتسجيل في هذا البرنامج، وأتيحت لهم الفرصة ليعيشوا مغامرة “تارتل كامندوز”؛ حيث يُعد برنامج “تارتل كماندوز” برنامج استثنائي فريد أطلقته هيئة البيئة العمانية للمتطوعين، فهو ليس فقط برنامجا تطوعيا لحماية السلاحف البحرية، وإنما هو برنامج وطني تطوعي، تدريبي وتوعوي، حيث يحضر المشاركين ورش تدريبية حول ماهية التعامل مع الزائرين، وأهل المنطقة، وأسلوب التعامل معهم، وكذلك شرح مفصل عن أهداف الحملة، و طرق التعامل مع السلاحف التائهة، ورصد حركة السلاحف وقراءة المعلومات المسجلة وتحديد موقع السلاحف عن طريق نظام ال” GPS” ، والاهم من ذلك هو توعية المشاركين بأهمية السلاحف ودورها في التوازن البيئي والحفاظ عليها، والتي سوف يتم نقل هذه المعلومات والخبرات من خلال المتطوعين إلى المجتمع.
كانت أهداف هذه الحملة الوطنية التي فعَّلنا برنامجها حسب المخطط له، و الذياشتمل على:
1. دراسة سلوك السلاحف ومعرفة أنواعها وطرق التعامل معها.
2. مراقبة السلاحف البحرية التي ترتاد الشواطيء العمانية لتعشش فيها ورصدها، وحماية أماكن تعشيشها من العبث والتخريب.
3. تجميع صغار السلاحف التائهة إرجاعها إلى البحر.
4. حملة بلا أضواء وتستهدف المساكن والمنشئات القريبة من الشاطيء وذلك بإطفاء الأضواء الخارجية، والتي تؤثر على مسار السلاحف الصغيرة، مما يعرضها للافتراس من قبل الحيوانات (القطط، الكلاب، الثعالب، الطيور) أو النفوق جراء دهسها من قبل المارة، أو الجفاف من أشعة الشمس.
5. تنظيف شواطيء المحمية، والشواطيء المجاورة لها من المخلفات الناتجة عن إعصار شاهين الذي تعرضت له السلطنة خلال الأيام الفائتة، ومخلفات الزائرين، وكذلك مخلفات شباك الصيد وانتشالها من تحت الرمال، فالحفاظ على نظافة الشاطيء ليس فقط من أجل جمال المنظر ، بل من أجل الحفاظ عليه من التلوث و حماية حياة الكائنات البحرية التي تتأثر بشكل مباشر من التلوث الحاصل على الشاطيء.
6. توعية الزائرين بأهمية السلاحف في التوازن البيئي، وأهميتها من الناحية السياحية وكذلك التوعية في عدم العبث بأعشاش السلاحف، والسلاحف الصغيرة، ووضع مخلفاتهم في الأماكن المخصصة لذلك، والابتعاد عن الشواطيء في الفترة من بعد الغروب حتى الفجر لخروج السلاحف لوضع البيض خلال هذه الفترة.
7. توجيه الزائرين والسياح بالذهاب إلى المركز العلمي لمحمية السلاحف برأس الجنز فهو متحف علمي، غني بالمعلومات عن السلاحف وطريقة عيشها وحياتها، ويقدم عروضًا باللغات العربية والألمانية والإنجليزية.
8. تشجيع المواطنيين والمقيمين على استبدال الأضواء الخارجية بأضواء خافتة، او استخدام الأضواء الحمراء أو الخضراء؛ وذلك لحماية السلاحف وعدم إزعاجها بالإضاءة العالية.
يُساهم العمل التطوعي بشكل كبير في تعزيز العلاقات الاجتماعية بين الناس، إذ يُعدّ العمل التطوعي ركيزة أساسية في بناء المجتمعات،و وسيلةً للتعرّف على أشخاص جدد يشتركون معاً في نفس الاهتمامات، ممّا يُتيح لهم ممارسة مهاراتهم الاجتماعية وتطويرها، كما يُساعد العمل التطوعي تقديم المساعدة للآخرين والمساهمة في خدمة المجتمع المحلي مما يمنح ذلك شعوراً بالإنجاز والفخر للمتطوع حيث يجعل الشخص ينظر إلى نفسه بإيجابية. والبقاء على تواصل دائم مع الآخرين كما يُشعره بالحماس، الأمر الذي يجعله شغوفاً بالعمل المستمر، “فعند قيام أي شخص بالأنضمام إلى فريق عمل ”تارتل كوماندوز” التطوعي لن ولم يعرف معنى الملل، فكل ما في عالم ”تارتل كوماندوز” تجربة مثيرة وجديدة من شتى النواحي ترتقي بالمشارك إلى آفاق واسعة، لذلك انضموا إلى الفريق، وعيشوا التجربة،كما عشتها أنا، لتعشقوا المغامرة” ..