كن إنسانا
أحمد بن موسى بن محمد البلوشي
من أهم الاعتبارات التي تركز عليها المؤسسات الحكومية والخاصّة هي الجوانب الإنسانية، حيث تعمل جاهدة على تعزيزها بصورة كبيرة، بين أفرادها، وبينهم وبين الأشخاص المستفيدين من خدماتهم، فالتوجهات العالمية الحديثة في عالم الأعمال ترى بأنّ الإنسان كتلة من المشاعر والأحاسيس، فتارة يغضب، وتارة يكون سعيدا ونشيطا، وتارة يكون متعكر المزاج، وهكذا…؛ ولكن ما نلاحظه أحيانا من بعض العاملين في المؤسسات الحكومية، والخاصّة بأنّهم لا يلقون اعتبارا لمفهوم الإنسانية، سواء مع زملائهم في العمل، أو مع المستفيدين من خدمات هذه المؤسسة.
فإذا توفر الجانب الإنساني في أي مؤسسة فإنه يؤدي إلى حدوث تكامل وتعاون وانسجام بين أفراد هذه المؤسسة، وتعزز الانتماء لديهم فيعتبرها بيته الثاني، فالجانب الإنساني يخلق جوا من الإبداع والإنتاجية، وتحقيق الأهداف التي تسعى المؤسسة للوصول إليها، لذلك عزيزي الموظف والمسؤول تمتع بروح الإنسانية بينك وبين زملائك في العمل لكي يتم تحقيق الأهداف المطلوبة وإنجاز الأعمال بأجمل صورة، وتمتع بروح أكثر إنسانية مع مراجعي هذه المؤسسات لكي ترسل رسالة لهم بأنّنا هنا لخدمتكم وتقديم الدعم لكم، فالعمل ليس مجرد مكتب تنجز به الأعمال وتنتهي بنهاية الدوام فقط؛ بل تبقى العلاقات الإنسانية مستمرة بين الأفراد مدى الحياة حتى ولو انتهى العمل.
وحسب صحيفة العرب:” فقد أجريت العديد من الدراسات منها دراسة أجراها معهد مستقبل العمل في مدينة بون الألمانية عام 2009، وجدت أنّ الشركات التي تقوم بتوظيف عمال يرتبطون معا بعلاقات صداقة طيبة تحقق إنتاجا أفضل مقارنة بغيرها من الشركات الأخرى، وأجريت دراسة على العاملين في إحدى الشركات البريطانية خلصت إلى أنّ التواصل الاجتماعي والعلاقات الطيبة بين الزملاء في العمل يمكن أن يزيد من إنتاجية العامل الأقل كفاءة، وهذا يؤدي إلى آثار إيجابية على المؤسسات، حيث أنّ الحوافز المعنوية لا تقل في الأهمية عن الحوافز المادية، وقام الباحثون في هذه الدراسة بدمج العاملين ذوي الأداء الضعيف مع زملائهم الذين يرتبطون معهم بعلاقات طيبة من ذوي الأداء الأكثر كفاءة، وقاموا بتغيير جداول العمل بحيث يعملون معا في نفس الفترة فوجدوا أنّ العاملين أصحاب الأداء الأضعف قد زاد إنتاجهم بنسبة 10% خلال هذه الفترة مقارنة بالفترات السابقة، وأثبتت الدراسة في الوقت ذاته أن العاملين الأكثر كفاءة من ذوي الإنتاجية العالية قد انخفض أداؤهم بنفس النسبة تقريبا نتيجة تكيفهم مع الأداء المنخفض لزملائهم، وبالتالي فإنّ توطيد العلاقات الطيبة داخل مكان العمل يؤثر بشكل إيجابي على مستوى أداء العمل وعلى الإنتاجية، كما يعمل على تحسين مستوى المنظمة التنافسي”.
لذلك يجب علينا كموظفين في الوحدات الحكومية والمؤسسات الخاصة أن نتمتع بروح الإنسانية مع زملائنا في العمل ومع المراجعين المستفيدين من خدمات هذه الوحدات والمؤسسات، ويجب أن نتبنى الشعار الذي يقول: “كن إنسانا قبل أن تكون موظفًا أو مسؤولا”.