رسالة إلى عين شاهين
هلال السليماني
رغم أنَّ عين الشاهين التي قدّرت ودبّرت فأهلكت الحرث والنسل لكنها لم تدر أنها أحيت أمةً وعزيمةً وثباتًا وهمةً وعطاءًا بعد أن ضرب الإعصار بيديه ورجليه ظاهر الأرض، ولم يكن يعلم أن باطن هذه الأرض صلب ثابت كثبات سمحان ورأس مسندم، ولم يعلم أن قلعة صحار التي ترقب المشهد عن قرب ترسل رسائل إلى الشهباء المغروسة في قلب نزوى، ولم يكن يعلم أن صواري صور العفية ستردد اليامال لنسمع صداه في الجلالي والميراني وعلى قمم مسقط الشامخة وراية قصر العلم، وأن روح فجر 23 من يوليو ستنبعث من جديد لتفجّر طاقات الوطن وإرادة مواطنيه هبة واحدة باتجاه واحد؛ لتسير غمامة الغيث إلى الباطنة بردًا وسلامًا ورحمةً ووئامًا.
مشهد ينضح بالوطنية في معناها الحقيقي الذي جسده أبناء عمان الأوفياء، فكشفوا عن أصالة معدنهم، واستكشفوا نفوسهم التي كادت أن تعصف بها رياح المدنية الهوجاء، ووقفوا كالسد المنيع أمام وجه العاصفة ليشكلوا معًا عاصفة التغيير في لحظة فارقة من لحظات عمان المجيدة، وإن كانت المقولة الخالدة للسلطان الراحل( رحمه الله) ” إن الأيام في حياة شعبنا لا تقاس بوحدات الزمن، وإنما بوزن ما تفتحه من آفاق، وما تلهمه من أفكار، وما حولته من الآمال إلى واقع حي لتأخذ مكانها بين طلائع الشعوب السائرة من أجل التقدم والسلام والرخاء” ستبقى عنوانًا يكتب تفاصيله العمانيون على طريقتهم، فهموا وتعلموا الكثير على مدى التاريخ وتعاقب فصوله وأحداثه، التقى الوطن في بقعة واحدة شكلت نسيجًا لا يبلى رغم طول المدى، وما أسسه الآباء والأجداد يومًا انغرس في الوجدان وحمل رايته الأبناء والأحفاد.
فهنيئاً لوطن هؤلاء رجاله.