الباطنة لا تبكي
عبدالله بن حمدان الفارسي
الباطنة لا تبكي، فكيف لها ذلك وهي محاطة بأبنائها العمانيين من كافة الجهات الأربع، ومن سماها لأرضها؟
كيف لها أن تشتكي وقد تداعت لها كل أخواتها المحافظات العمانية؟ (قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم يوماً لأصحابه، حاثاً على التكافل والتراحم: « مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالسَّهر والحمَّى).
أنّى لها أنْ تئنّ وقد هبّت نحوها نسائم النخوة من كلِّ حدب وصوب على النحو الذي يرضيها.
الباطنة اليوم هي عروس الكون تتلألأ من بريقها الذي يلامس عنان السماء، مبتهجة بهذا التكاتف الذي لم نشاهد له مثيلاً، متوشحة بعناقيد النصر على (شاهين).
الباطنة شامخة بهذا الزخم من المشاعر الصادقة وبهذه الملحمة الوطنية العمانية.
من لا يعشق الباطنة من أقصاها لأقصاها؟ من منّا اليوم لا يتمنى اكتساء جسده قبل ملابسه بطين ووحل الباطنة، والتقاط الصور لتكون ذكرى فخر أمام الأجيال في القادم من الوقت، ما كان (شاهين) ليزور الباطنة إلا لحكمة لا يعلمها إلا علّام الغيوب، ولكن باليقين الذي لا يشوبه أدنى شك، والذي نستمده من ديننا الحنيف إن (شاهين) ليس إلا ظاهرة كونيّة حالها كحال مثيلاتها عبر الأزمان المتعاقبة، والأماكن الأخرى في العالم، إن لم تحدث هنا فقد تظهر في مكان آخر، فظاهرها شدّة وباطنها رحمة، فليست كل بلوى هي عقاب حسب ما يبدو مظهرها أو يظن البعض، فبعد الكرب فرج، يقول تعالى: (إنّ مع العسر يسرا…)سورة الشرح. الآية 5.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “عجباً لأمر المؤمن إن أمْره كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سرّاء شكَر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له” وما بعد الصبر إلا الفرج.
نعم بهذه الظاهرة الطبيعية سطّر التاريخ ودوّن على صدره أن العمانيين يتوارثون الصلابة والجلادة جيلاً بعد جيل، وأن عتاوة رياح الشدة لا تحرك لهم قدماً من موقعه.
الباطنة حاضرة عمان المجد، كل العمانيين فِداكِ بحالهم ومالهم، مثلها مثل أخواتها المحافظات العمانية الأخرى.
سَلمتِ وسلِم أهلك وترابكِ، وكما أقول وغيري: “لا أراك الله مكروها” بعد (شاهين).