رواية العقول التائهة الجزء الثاني ( الإبتسامة الساحرة )
محمد الشهيمي
كل الأمور معقدة أمامي ..
ما قصة ذلك الشاب الهادئ المبتسم طول الوقت وكأنه لا يوجد لديه هموم؟!
وما قصة تلك المرأة بائعة الأقلام.. التي تقاطع حديثي في كل مره؟!
و ذاك النادل صاحب المطعم ؟!
سوف أترك هذا التفكير الآن وأنام .. إنها الساعة الثانية عشر منتصف الليل..
في صباح اليوم التالي ….
* صباح الخير أمي،،
– صباح النور يا ابني.. وأي صباح لقد قاربت الساعة بأن تكون الحادية عشر … ولكن ما بك يا ابني.. لقد تأخرت ليلة أمس.. أقلقتني عليك ،، هل تريد أفقدك كما فقدت أبيك ؟! فلم يبقى لي في هذه الدنيا غيركم .. فلم تتعود تكون خارج المنزل إلى وقت متأخر،،، ولم ترد على اتصالي..
* عذرًا يا أمي.. فقط لم أنتبه إلى الساعة.. كنت فالمطعم.. وهاتفي في الوضع الصامت..
– حسنًا يا ابني.. أُريد أن أذهب إلى السوق اليوم.. أن لم تكن مشغولاً …
* اليوووووووم ؟؟؟؟؟
– نعم ، إن أمكن ،،
* ولكن لدي موعد اليوم مع أحد أصحابي.. ما رأيك أن نذهب غدًا صباحًا ؟؟
– حسنًا .. ولكن لا تتأخر الليلة.. لكي تستطيع النهوض مبكرًا..
* حسنًا يا أمي..
يومًا جميل .. الغيوم تغطي السماء من الجهة الجنوبية .. وكأنها توحي بأمطار صيف تخفف حرارة الجو..
الساعة الثالثة مساءاً..
في طريقي إلى ذلك المطعم ..
توقفت عند ذاك المطعم الآن… انظر يمينًا ويسارًا.. بحثًا عن ذاك النادل..
* نعم سيدي تفضل..
– أريد عصير ليمون طازج.. ولكن لدي سؤال..
* تفضل سيدي..
– أين ذاك النادل.. الذي كان هنا يقدم الطلبات ليلة أمس؟!
* عذرًا سيدي .. يوجد ثلاثة منا يقدمون الطلبات هنا أي منهما تقصد ؟!
– هل بالإمكان أن أراهم؟!
* بالطبع سيدي.. ولكن هل هناك مشكلة؟!
– لا.. فقط أود أن أشكره على ما قدمه لي بالأمس،،،
* حسنًا سيدي.. سوف أأتي لك بالعصير و أنادي الإثنين المتبقيين..
– في انتظارك..
بعد مرور دقيقتين.. والتي مرت علي وكأنها ساعتين..
* حسنًا سيدي.. تفضل العصير .. وهؤلاء مقدمين الطلبات الإثنين كما أخبرتك..
– ولكن…… ليس أحد منهم من قدم لي العصير ليلة أمس..
* سيدي.. نحن خمسة عاملين في هذا المطعم.. اثنين فالمطبخ.. ونحن الثلاثة نقدم الطلبات..
– هل بالإمكان أن أرى الطباخين؟!
* ولكن سيدي لا يستطيعوا الخروج.. لديهم طلبات يجب تجهيزها..
– سوف أنزل لأراهم لا مشكلة..
* حسنًا.. كما تريد..
نزلت من السيارة متجهًا إلى داخل المطعم..
– هل أنت متأكد فقط أنتم من تعملون هنا؟!
* نعم سيدي نحن فقط..
– ولكن النادل الذي بالأمس من أين أتى؟!
* ربما واحدٌ منا يا سيدي..
– أنا متأكد أنه ولا واحد منكم.. حسنًا خذ نقود العصير.. شاكرًا لك..
* شكرًا سيدي على زيارتك..
الساعة الرابعة متوجهًا إلى ذلك المكان..
في الطريق وأنا أفكر من أين أتى ذلك النادل ؟! و أين اختفى؟!
وصلت إلى المكان مبكرًا.. حسنًا هذا جيد.. قبل أن يحدث ازدحام .. سوف أذهب لأجلس في مكاني..
بدأ المكان أكثر جمال مع تساقط رذاذ المطر الخفيف .. وكأنه يوحي بجمال هذا اليوم..
رائحة المطر تعم المكان.. يأخذك إلى عالمًا آخر.. هدوء الأعصاب و راحة النفس.. بدأت تسري بداخلي..
وكما كنت سابقًا.. أراقب المارة و لكن هذه المرة فكري شاردًا مع قطرات المطر.. التي تهطل تارةً وتتوقف تارةً أخرى ..
ذاك الشاب.. لقد أتى.. نعم هو … وكعادته يجلس في مكانه المعتاد.. وبمفرده،،
ولكن.. لماذا يرتدي ملابس الشتاء وكأنه تجمد من البرد ؟!
يااااا لغرابة هذا الرجل .. أنه ينتظر أحدًا .. يراقب ساعته كل حين.. ولكنه لا يزال مبتسمًا وهادئ ..
في هذه الأثناء نسيت قطرات المطر.. ونسيت ازدحام المكان و أصوات الناس و رنين الهواتف…
وما زال ذاك الشاب يراقب ساعته في كل لحظه..
ولكن دون توترًا أو خوف.. بل كان يبتسم..
هل أذهب لأتحدث معه ؟! هل أنتظر ؟! وأفكار كثيرة تجول في عقلي..
– إذا سمحت ..
( نظرت إلى الخلف ،، )
* من أنا ؟!
– نعم سيدي..
( و بابتسامة جميلة .. أسرت عقلي و خطفت مني جميع تركيزي ، كانت جميلة كجمال الورد الذي تحمله بين يديها ،، أو ربما الورد الذي حملها وليست هي من حملته .. كان عمرها في منتصف العشرينات ربما .. حسب تقديري ،، وفي عقلي هل تقصدني أنا حقًا ؟َ )
* تفضلي..
– هل تود أن تشتري وردًا يا سيدي ؟!
* بلى.. ولكن …..
– ماذا ؟؟
) هنا تمالكت مشاعري لكي أجد إجابة على جميع ما يدور في رأسي )
* لدي سؤال.. وسوف أشتري منك كل الورد،،
– تفضل سيدي ..
* هل تعرفين ذلك الشاب؟!
– أي شاب يا سيدي؟!
* يجلس على آخر الطريق في ذاك….. ..أين هو؟! لقد رحل ثانية ً !!!!
– عن من تبحث يا سيدي؟!
* عن ذاك الشاب الذي دائمًا يجلس وحيدًا هنا.. ولكن كل مره أحد يقاطع تركيزي فيذهب…
– عذرًا سيدي .. ألم تكن ذاك الشاب الذي أشترى أقلام قبل يومين؟!
( وبدهشة عجيبة وكأن الجميع يراقبني )
* من أنتي؟! وكيف عرفتني ؟!
) بصوت حزين (
– أعتذر يا سيدي.. أن لم تود الشراء مني سوف أذهب…
* ولكن ما الأمر كيف علمتِ بأنني هنا كنت قبل يومين ؟؟
– أن أتيت غدًا سوف أخبرك ، فالوقت تأخر الآن والظلام قد حل ..
( أنا في حيرة من أمري ، هل أبكي ؟ أم أضحك ؟ أم أنظر إلى تلك العيون التي سحرت كل ما في عقلي .. وعيني لا ترمش أبدًا ، خوفًا من أفقد تلك الابتسامة التي غطت على كل ما حولي )
( قاطعتني مجددًا )
– ولكن هل تشتري مني الورد يا سيدي ؟!
• بكل تأكيد ..
أخذت الورد وبدون تردد
• سوف أراكِ غدًا ..
ذهبت تلك الآنسة وكأنها أخذت قلبي معها أسير .. ذهبت تلك الذاهبة وتمنيت أن لا تذهب ..
وما زلت أُراقب خطواتها إلى أن غابت عن النظر .. والورد بين يدي وكأنه يحتضر من قوة قبضت يدي ..
الساعة السادسة و الخمسون دقيقة ..
ما زال الرذاذ يتساقط من حولي ،، نسيت كل شي كنت أ ُفكر فيه ،، وقفت و توجهت إلى سيارتي وأنا أنظر خلفي كل دقيقة لعلي أراها ..
ركبت السيارة و أعليت صوت المسجل إلى أعلى صوت ..
توجهت إلى المنزل ولكن هذه المرة كنت أبتسم في كل حين .. وفي بالي أسأله ولكن انحصرت جميع الأسئلة على تلك الفتاة بائعة الورد ..
من هي تلك الفتاة ؟!
وما سر تلك الابتسامة ؟!
وكيف عرفت أنني كنت قبل يومين هنا ؟!
وجمالها الطاغي الذي أخذ كل تفكيري إليه ..
ترقبوا الجزء الثالث ( وكر الأمان ) ..