2024
Adsense
أخبار محليةمقالات صحفية

الشيخ سليمان بن ناصر بن سليمان اللمكي(4) – الجزء الرابع

ليلى بنت سعيد اللمكية

أدواره الاجتماعية:
إنَّ علاقات الشيخ سليمان داخل وخارج شرق أفريقيا لم تكن مقتصرة على المساعدات المالية، ففي رسالة موجهة من المحكمة الشرعية بمسقط نستنتج من خلالها أن الشيخ سليمان كان مسؤولاً عن أفراد جماعة بني لمك في شرق أفريقيا، فهذه الرسالة تطلب من الشيخ سليمان إيجاد حل لمشكلة وقعت لابنة الشيخ راشد بن سيف اللمكي في عُمان وهي أن زوجها المدعو عبدالله بن محمد بن سعيد المعولي (اللمكي) قد هاجر لشرق افريقيا منذ فترة طويلة دون أن يترك لها نفقتها، فلا هي متزوجة ولا هي مطلّقة، فإما أن يرسل لها نفقتها أو يطلقها على يد الشيخ سليمان بن ناصر اللمكي، وهذه الرسالة جاءت بناءً على شكوى قَدَّمَتها ابنة الشيخ راشد بن سيف للمحكمة الشرعية في عُمان.
كذلك هناك رسالة موجَّهة من سيف بن سليمان بن حمد اللمكي من عُمان للشيخ سليمان مؤرخة في(15ذي الحجة1346هـ/3يونيو1928م)، تحوي خبر وفاة إمرأة تُدعى عَلْيَا بنت حمد بن مفتاح اللمكية، وفي الختام يُبَلِّغه تحيات سعيد بن حميد وأولاده، وفريش بن مسعود وأولاده، وحمد بن سليمان وكافة الجماعة بلا تخصيص.
وامتدت أدواره وعلاقاته على نطاق واسع فقد كان للشيخ سليمان بن ناصر عدّة مراسلات مع الحكام والسلاطين بعمان وشرق أفريقيا، ففي10ربيع الأول1325هـ (22إبرير1907م ) تَسَلّم الشيخ سليمان بن ناصر رسالة من السيد فيصل بن تركي من عُمان يبلغه فيها بمقتل الوالي سليمان بن سويلم ووفاة السيد الوالد عبدالعزيز بن سعيد، وكاتب الرسالة سيف بن علي.
ورسالة مؤرخة في(3 محرم 1324هـ/26فبراير1906م) من السلطان علي بن حمود البوسعيدي في زنجبار إلى الشيخ سليمان اللمكي يعتذر فيها عن قبول الحصان الذي أرسله الشيخ سليمان لولده كهدية وأنه لا يقبل الهدايا.
كذلك هناك رسالة من الشيخ سليمان بن ناصر إلى السلطان حمود بن محمد البوسعيدي، كتقرير عن رحلة اللمكيّ إلى الشمال الأفريقي وأوروبا، برز فيها روح التضامن والتسامح بين الطرفين من خلال الاستقبال الحار للشيخ سليمان الذي قُوبِل به في وادي ميزاب بالجزائر موطن الشيخ محمد بن أطفيش، وهذا يدل على الاهتمام بالتواصل الفكري والاجتماعي لسلاطين زنجبار مع الدول الأخرى، والأهمية التي حظي بها الشيخ سليمان مع السلاطين.
كذلك امتدت علاقاته بشخصيات سياسية واجتماعية أخرى، كالعلاقة بينه وبين رودلف سعيد روث ابن السيدة سالمة بنت السلطان سعيد بن سلطان البوسعيدية، والتي ظهرت من خلال مراسلة للشيخ سليمان من رودلف يشكره فيها على عنايته بابنته وصديقاتها أثناء زيارتهن لزنجبار عندما نزلن في ضيافته، ويذكره بالصورة الفوتوغرافية التي تجمعهما في ألمانيا وهما صغيران، وهذا يدل على قِدم العلاقة بينهما.
وكلّ هذه المراسلات التي وردت أعلاه- سواء مع السلاطين أو الأئمة العمانيين أو المشايخ والعلماء أو عامة الناس إن دلّت على شيء فإنما تدل على علوّ مكانة الشيخ سليمان بن ناصر بن سليمان اللمكي في زمنه نتيجة أدواره المختلفة في كافة الأصعدة، وسعة اتصالاته في مختلف بلاد العالم، وهي دليل على كرمه وفكره الثاقب اللذان جعلا من ثروته وأمواله وأملاكه في عمان وشرق أفريقيا ميداناً للشهرة والخلود التاريخي.
أداؤه فريضة الحج:
أدى الشيخ سليمان فريضة الحج في عام 1308هـ/1890م، والتقى هناك بالشيخ محمد بن يوسف أطفيش وناصر بن سالم بن عديّم الرواحي، وكان لدى أطفيش مخطوط كتابه شرح النيل، وبينما هو في طريقه بين الحرمين الشريفين، غزا قطّاع الطرق القافلة التي كان فيها الشيخان أطفيش والرواحي، وتمكنوا من سرقة المخطوط من جملة مسروقات أخرى، وبينما هم في الطريق وإذا بأُنَاس من البدو يبيعون أوراقاً(شرح النيل) دون معرفة قيمتها العلمية، فاشتراها الشيخ سليمان اللمكي وأعادها إلى الشيخ محمد أطفيش.
وصيته:
ولقد كتب الشيخ سليمان بن ناصر بن سليمان اللمكي وصيته وتم توثيقها في إدارة التسجيل لدولة زنجبار بتاريخ (10شوال1351هـ/4فبراير1933م)، وجعل المشايخ التالية أسماؤهم أوصياء على تنفيذ ما جاء في وصيته–رحمه الله–وهم:
عبدالله بن سليمان بن حميد الحارثي، وولداه حارث بن سليمان بن ناصر اللمكي ومحمد بن سليمان بن ناصر اللمكي،وقد شهد على كتابة هذه الوصية كل من:
علي بن عمير بن خلفان المرهوبي، محمد بن عبدالله الخروصي، سالم بن محمد بن سالم الرواحي، ناصر بن سعيد الاسماعيلي، سعيد بن عبدالله الخروصي، محمد بن هلال بن محمد البرواني، وكاتب الوصية هو قسور بن حمود بن هاشل الراشدي.
ومن خلال تحليلنا لوصية الشيخ سليمان بن ناصر بن سليمان وجدنا تَتَبُعِهِ لِخُطَى وَالِدِهِ في الوقْف الخيري تقرباً من الله سبحانه وتعالى، ونورد هنا بعض الأمثلة على تلك الأوقاف:
1. أوصى ب(1000) روبية صرف زنجبار لشراء شانبة (مزرعة) أو بيت ووقفه على الفقراء من الأباضية.
2. أوقف جميع كُتُبِه على المسلمين من الأباضية وأن لا يمنع من استعارتها من كان ثقة أميناً عليها.
3. يتم قَعْدّ (تأجير) منازله بحلة هرموز من زنجبار، والتي تحمل الأرقام (415،416،417)، والعائد منها يُستأْجر به شخص يقرأ القرآن ختمتين في كل شهر على قبره، وإطعام من يحضر قراءة المولد النبوي في أي مكان بدعوة من أبنائه، في يوم الأول من ربيع الأول من كل سنة.
وفاته:
توفي الشيخ سليمان بن ناصر اللمكي في (22يونيو1935م)- رحمه الله -.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر والمراجع:
1. جهينة الأخبار في تاريخ زنجبار، سعيد بن علي المغيري، تحقيقي محمد علي الصليبي، ط4، 1422هـ/2001م.
2. العمانيون وأثرهم الثقافي والفكري في شرق أفريقيا (1870-1970م)، هدى الزدجالي،ط1،دار نثر، الجمعية العمانية للكتاب والأدباء، مسقط، 2021م.
3. الموسوعة العمانية، المجلد الثالث والخامس، ط1، وزارة التراث القومي والثقافة، سلطنة عمان،1434هـ/2013م.
4. مقابلة شفهية مع الدكتور ناصر بن محمد بن ناصر اللمكي ( مدير مستشفى جامعة السلطان قابوس في الفترة (1984-1997م))، والأستاذ ناصر بن عبدالله الريامي (مؤلف كتاب زنجبار شخصيات وأحداث ).
5. وثائق تاريخية أهلية، ملك اولاد المرحوم الشيخ محمد بن سليمان بن ناصر اللمكي.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights