الشيخ سليمان بن ناصر بن سليمان اللمكي(3) – الجزء الثالث
ليلى بنت سعيد اللمكية
كرمه وتواضعه:
وإذا انتقلنا لجانب آخر من حياة الشيخ سليمان بن ناصر ألا وهو تواضعه وكرمه، وعلاقاته مع الناس، فها هو كريم سَخِيّ بأمواله وخاصة ما يتعلق بإعمار بيوت الله تعالى.
وهنا نلاحظ العديد من المشايخ وأئمة المساجد يلجؤون إليه في تعمير بيوت الله (مساجد) التي قاربت على السقوط أو بناء بيوت جديدة، ولا يسعنا في هذا المقام سوى أن نورد بعض الأمثلة على ذلك من خلال الوثائق التي بين أيدينا ومنها:
رسالة مؤرخة في ( يوم الجمعة ذي القعدة 1347 هـ / 10 إبريل 1929م) مُوَجَّهة من الشيخ شيفو بن عبد الرحمن والخطيب شيخ دين بن شيخ أبو بكر الأموي، يطلب فيها المساعدة من الشيخ سليمان وولده الشيخ حارث ببناء مسجد بدأ يتهدم وأن الناس هناك لفقرهم وقلة أموالهم لا طاقة لهم بتعمير بيوت الله، وذكر بأن المسجد يحتاج لإصلاحه حوالي(500) روبية والمتكفل لمتابعة التصرف بالأموال شخص يُدعى سالم بن شداد بن عمر باعمر إن لم يعرفه يسأل عنه القاضي الشيخ طاهر بن شيخ أبو بكر الأموي وأحمد مساعدهم يخبروه عن حاله وأمانته.
أيضاً كرمه لم يقتصر على تعمير بيوت الله ففي(24 ذي الحجة 1347هـ/(2يونيو1929م) تلقّى الشيخ سليمان اللمكي خِطَاباً من أعضاء جمعية العرب بزنجبار يطالبون فيها ببناء بيت لعقد اجتماعاتهم لمصلحة العرب وكما يريدون بناء مدرسة لتعليم القرآن، وفي ختام الرسالة مُدوّن عدة أسماء استنتجنا بأنها توقيع لأعضاء جمعية العرب في زنجبار آنذاك وهم كما يتضح:
“سعيد بن صالح,علي بن سعيد,عبد الله بن سالم,سيف بن علي,محمد بن حمد,سعيد بن علي,عبد القادر بن عمر,سالم بن سعيد بن بخيت,حسن محمد حسن”.
وإن تلك الأدوار امتدت إلى خارج موطنه، فلقد عثرنا على مجموعة من المراسلات بين الشيخ سليمان اللمكي والشيخ سليمان الباروني– من أباضية ليبيا– تؤكد تمويل الشيخ سليمان اللمكي لإقامة مدرسة في عُمان عُرِفت بالمدرسة البارونية، والتي يتضح أنها أُقيمت في ولاية سمائل بمحافظة الداخلية، وهذه المراسلات تفاوتت ما بين(1347–1348هـ/1928-1929م).
واستكمالاً لاهتماماته العلمية فقد قام الشيخ سليمان اللمكي بشراء مطبعة بحروفها من بيروت، وأشرف عليها الشيخ الباروني لتسريع طباعة كتاب شرح النيل وشفاء العليل، وذلك بعد أن تأخر الباروني في طباعته في مصر، بوصف ذلك إسهاماً منه في طباعة الكتب الإباضية.
أيضاً هناك رسالة مؤرخة في (30جمادي الأول1347هـ/ 12نوفمبر1928م)، مُوَجَّهة من خلفان بن مسيعيد اللمكي نستنتج من خلالها حدوث محْل(جفاف) في الرستاق مما أدى لخروج بعض أفراد جماعة بني لمك إلى المصنعة بجِوَار يوسف بن محسن، وهنا يخبره أنه لم يبقَ له سوى مهنة التعليم ويطلب منه المساعدة بإرسال(4) مصاحف ونسخة من كتاب جوهر النظام.
أملاكه في عُمان:
ولم تقتصر أملاك الشيخ سليمان بن ناصر بن سليمان اللمكي على مناطق شرق أفريقيا بل تعدّت إلى وطنه الأم عمان، ففي إحدى الوثائق نجد أن الشيخ سليمان عَيَّن سالم بن سيف بن سعيد اللمكي وكيلاً عنه في جميع أمواله الكائنة في عُمان بالرستاق،وقَبْض(استلام) جميع مستحقات تلك الأموال من خلفان بن راشد بن جميّع اللمكي-والذي يظهر أنه كان قائماً على أموال الشيخ سليمان منذ حياة والده الشيخ ناصر بن سليمان بن راشد اللمكي-وكتب الوكالة وشهد عليها الشيخ القاضي قَسْوَر بن حمود بن هاشل الراشدي بتاريخ(4 شعبان1345هــ/6 فبراير1927م)، أيضا شهد على هذه الرسالة علي بن عمير بن خلفان المرهوبي وعبدالله بن سليمان بن حميد.
ثم عُيِّن عَلِيّ بن رَشِيد العدوي وكيلاً لأموال الشيخ سليمان بن ناصر في عُمان، بديلاً للشيخ سالم بن سيف اللمكي، ويظهر ذلك من خلال الرسالة التي وجّهها الشيخ سالم بن سيف اللمكي للشيخ سليمان يقول فيها:
“أنه لا يوجد بينه وبين علي بن رشيد أي خلاف وأنه يعاونه في أعماله وأن تَنْحِيَتِه عن الوكالة لم تأتِ إلا بَعْد كثرة انشغاله، والرسالة مؤرخة في(1رجب 1347 ه / 13 ديسمبر 1928 م).
____________________
المصادر والمراجع:
1. العمانيون وأثرهم الثقافي والفكري في شرق أفريقيا(1870-1970م)، هدى الزدجالي، ط1،دار نثر،الجمعية العمانية للكتاب والأدباء، مسقط،2021م.
2. مجموعة وثائق تاريخية أهلية، ملك أولاد المرحوم الشيخ محمد بن سليمان بن ناصر اللمكي.
3. عُمان في عهد السلطان تيمور بن فيصل(1920-1932م)، سالم بن حمد النبهاني،ط1،بيت الغشام، مسقط، سلطنة عمان،2018م.