المقاومة العمانية للوجود البرتغالي في الخليج العربي والمحيط الهندي (( ١٥٠٧م – ١٦٩٨م ))
أحمد بن علي المقبالي
الجزء الثالث والعشرون:-
تحدثنا خلاله عن التقارير الأجنبية حول تحرير مدينة مسقط عام ١٦٥٠م.
الجزء الرابع والعشرون: –
مقالنا لهذا اليوم إن شاء الله تعالى سوف يكون عن ظروف نشأة الأسطول العماني.
– كما يعلم الجميع أن عمان هي بلاد بحرية أكثر منها برية وتجارتها مرتبطة بالبحر أكثر من البر وأنهاء الاحتلال البرتغالي لسواحل العمانية لا يعني أبداً زوال خطرهم بل ربما قد زاد لذلك وجب على عمان أن تؤمن البحار التي تسلكها سفنها التجارية من خطر القرصنة البرتغالية، كما أن عمان استقبلت الكثير من الوفود من الشعوب والبلدان التي لا تزال ترزح بل وتأن تحت الاحتلال البرتغالي يطلبون الغوث والنجدة من العمانيين وبشكل خاص المناطق والمدن الأفريقية التي تعتبر امتداد جغرافي للدولة العمانية الكبرى ولتنفيذ هذه المهمة كان لا بد من إنشاء أسطول بحري قادر على مواجهة الأسطول البرتغالي المتطور.
– حرصت الدولة العمانية على بناء وامتلاك سفن بحرية متطورة تنافس تطور السفن الأوروبية ولذلك تخلص العمانيون من الأسلوب القديم المتعارف عليه في الخليج في بناء السفن وقاموا ببناء سفن جديدة على الطراز الأوروبي المزود بالأشرعة المربعة والمدافع الحديثة.
– كانت الحكومة العمانية في ذلك الوقت توصي ببناء السفن الكبيرة في بعض المواني الهندية التابعة لأمراء مسلمين ثم قبلت شركة الهند الشرقية البريطانية على تصنيع بعض السفن لعمان في ميناء سورات الهندي وقد استفاد العمانيون من خبرة الملاحين الأوروبيين عامه والأسرى البرتغاليين خاصة في بناء سفن متطورة وقوية.
-أصبح الأسطول العماني يتكون من ثمان وعشرين سفينة منها الفلك والملك والرحماني وكعب رأس والصالحي مزودة بأحدث الأسلحة في ذلك الوقت فقد كانت سفينة الفلك على سبيل المثال مزودة ب 80 مدفعاً وكان عدد أفراد الأسطول العماني 1800 فرد.
– وقد وصفت المصادر العربية والأجنبية قوة الأسطول العماني فها هو ويلسون يقول في وصف القوة البحرية لعمان أنها تتكون من خمس عشر أو ستة عشر سفينة تتضمن ثلاث أو أربع سفن شراعية كبيرة مربعة وسفينتين مربعتين صغيرتين وتسع أو عشر سفن صغيرة وبلغ مجمل السلاح الذي تحمله هذه السفن من تسعين إلى خمسة وتسعين مدفعا.
– عام ١٧١٥م ورد في بيان هاملتون أن الأسطول العماني كان يتألف من مركب واحد مزود ب 70 مدفع ومركبين مزودين لكل منهما ب 60 مدفع ومركب مزود ب 50 مدفع وثمانية عشر مركباً تم تزويدها بما يتراوح بين 12 و 32 مدفع وعدد من القوارب التي تم تزويدها ب 4 و 8 مدافع.
– عام ١٧٠٥م زار ميناء مسقط الكابتن تشارلز لوكير وكتب وصفاً لمشاهداته لسفن الأسطول العماني فيقول:
شاهدت أربع عشر سفينة حربية تحمل إحداها 70 مدفع وعشرين سفينة تجارية ويقول إنه لا يوجد من بين السفن الحربية التي شاهدها من تحمل أقل من 20 مدفع وأن عشرة سفن أخرى كانت تبحر خارج الميناء وأن العمانيون يمتلكون كميات كبيرة من البارود.
– قام العمانيون بتهيئة المواني العمانية لتستوعب سفن الأسطول العماني وقادرة إعادة التموين والاصلاح والصيانة وتعتبر تهيأت ميناء جلفار ليكون من أهم القواعد الحربية للبحرية العمانية خطوة في مكانها الصحيح ولكن الميناء الأهم كان في مسقط بالطبع لأهميته الاستراتيجية.
– يقول المؤرخ الإنجليزي كوبلند COUBLAND أن قوة عمان البحرية أصبحت في القرن الثامن عشر بحيث تخشاها الأساطيل الإنجليزية والهولندية في المحيط الهندي.
– يقول لوكهارت أيضا إن شركة الهند الشرقية البريطانية وضعت خطة ترمي إلى ضمان امتلاكها ميناء مسقط وذلك في عام ١٦٥٩م إلا أن الإنجليز تخلو عن الفكرة عندما أدركوا أنهم لن يضمنوا كسر قوة القوة العمانية.
– في ٨ مارس عام ١٦٥١م جاء في تقرير شركة الهند الشرقية الإنجليزية (( أن عرب مسقط أرهبوا البرتغاليين بواسطة السفن التي استولوا عليها منهم وسفنهم الخاصة بحيث أصبحوا يترددون كثيرا في الإبحار في الخليج ))
– كما يقول د دراير وهو من المؤرخين المعاصرين أن العمانيين قد اكتسبوا إمكانيات بحرية هائلة وأن نشاطهم البحري قد هدد بندر عباس لدرجة أن الفرس طلبوا من الإنجليز الإبقاء على الأسطول الإنجليزي لحماية المدينة، كما قال بروس (( كان الأسطول العماني هائلا لدرجة أثارت الرعب في نفوس الأوروبيون وكل الدلائل تؤكد أنهم سيسيطرون على الخليج كله))
– وهكذا تم إنشاء الأسطول العماني وأصبح ذات صولات وجولات وصار قوة اقليمية يعمل لها حسابها ويحترم حظورها ويخطب ودها ويخشى اثارة غضبها.
مقالنا القادم إن شاء الله تعالى سوف يكون عن مواجهة العمانيين للبرتغاليين في الخليج العربي.
المصادر:-
– المقاومة العمانية للوجود البرتغالي
في الخليج العربي والمحيط الهندي
(( ١٥٠٧م – ١٦٩٨م ))
المؤلف:-
أحمد بن حميد التوبي
– اليعاربة أمجاد وبطولات
المؤلف:-
د. أيمن محمد عيد
– دولة اليعاربة
المؤلف:-
د. عائشة السيار