2024
Adsense
أخبار محليةمقالات صحفية

ديننا وقيمنا منها براء …

خلفان بن ناصر الرواحي

لقد تفشى في عالمنا المعاصر وفي مجتمعنا العُماني والعربي والإسلامي مرض العظمة والموضة والتقليد الأعمى في كثير من أمور الحياة المختلفة، وأصبح البعض لديه الشعور بالفخر والتباهي في القيام ببعض تلك السلوكيات التي لا تتناسب مع الفطرة والعادات والتقاليد، وخروجاً عن المألوف في مجتمعنا المحافظ فيما يتعلق بالآداب والاحترام والتقدير، وذلك نتيجة غياب القدوة والتقليد الأعمى، ناهيكم عن مخالفتها للدين وما جاء في القرآن الكريم، والاقتداء بنبي الأمة محمد عليه الصلاة والسلام، والدين الإسلامي وقيم مجتمعنا العُماني منها برآء كبراءة الذئب من دم سيدنا يوسف عليه السلام، وكثيراً من تلك التصرفات نراها في وسائل الإعلام المختلفة، وفي الأسواق والأماكن العامة، أمام مرأى الجميع دون وازعٍ أخلاقي، وغياب الغيرة والوازع الديني وموت الضمير، وغياب الخوف والرجاء من الله، وأصبحت عند البعض نوعاً من علامات التحضر، وعادة وسلوكاً متفشياً دون مبالاة لدى فئة كبيرة وخاصة فئة الشباب، وبعضاً من حاملي الشهادات العلمية، والمتثيقفين، وبعضاً من أصحاب الجاه والثروة، وفلاسفة التواصل الاجتماعي!.

نذكر من تلك الأمور على سبيل المثال لا الحصر؛ إظهار المرأة زينتها أو خصلة من شعرها أو لبس العباءة دون تغطية الرأس، وإظهار بعضاً من المفاتن، والتفنن في الموضة من حيث اللباس والمكياج أمام الغير، سواء كان بالإعلانات والبرامج المتلفزة أو بالأماكن العامة، وتضع البعض منهن هداهن الله صورهن بتلك الهيئة في الملف الشخصي بوسائل التواصل الاجتماعي، أو ببعض الصحف المرفقة بلقاء صحفي أو عمل أدبي. في بعض المواقف الأخرى تراها برفقة زوجها أو أبيها أو أحد المحارم وهي على حال خارج عن الحشمة وبراءة من الدين، ولا يخفى على كل من له لبٍّ ما عمت به البلوى في كثير من البلدان من تبرج الكثير من النساء وسفورهن وعدم تحجبهن من الرجال، وإبداء الكثير من زينتهن التي حرم الله عليهن إبداءها. لا شك أن ذلك من المنكرات العظيمة والمعاصي الظاهرة، ويعد من أعظم أسباب فساد الأخلاق والمجتمعات، وحلول العقوبات ونزول النقمات من الخالق عز وجل، وذلك لما يترتب على التبرج والسفور من ظهور الفواحش وارتكاب الجرائم وقلة الحياء وعموم الفساد. يقول تعالى في كتابه العزيز بسورة الأحزاب آية (59): {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا}.

كذلك هو الحال أيضاً عند بعض الرجال من حيث الخروج بالملابس الغير محتشمة في المكانات العامة، والتفنن في قصات الشعر ولبس الأساور، وتزيين السيارات واقتناء الكلاب برفقتهم أثناء التجول عند التنزه أو برفقتهم عند قيادة السيارات، ومما يؤسف له أيضاً مناظر بعض الشباب المحسوبين على أمتنا الذين يكادون يذوبون رقة وأنوثة في لباسهم وطريقة كلامهم، وأشكالهم، وأصواتهم المائلة إلى الأنوثة والرخاوة، وتلك الموسيقى الصاخبة التي تصدر من سياراتهم، وغيرها من التصرفات التي لا تليق بالرجال من حيث الفطرة.

أضف إلى ذلك انتشار ظاهرة استخدام اليد اليسرى لبعض الأمور؛ كالأكل باليد اليسرى، والشرب باليد اليسرى، والأخذ باليد اليسرى، والإعطاء باليد اليسرى، والسلام من بعيد أو التوديع بتحريك اليد اليسرى؛ فكل هذه الأمور هي خلاف السنة النبوية الشريفة، فالأكل يكون باليمين، والشرب يكون باليمين، والأخذ من الغير يكون باليمين، وإعطاء الغير يكون باليمين هذه هي السنة؛ لكن الأكل بالشمال والشرب بالشمال ورد فيه النهي والزجر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يأكل أحدكم بشماله ولا يشرب بشماله؛ فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله)، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الأكل بالشمال والشرب بالشمال، وعلّله بأنه من فعل الشيطان، وهذا ما يؤكد ضرورة اجتناب الأكل بالشمال والشرب بالشمال. فإذن لمَ التسويف والمكابرة واللامبالاة!، وكيف للمسلم الحق إذا ما خيّر بين أن يكون متبعاً للشيطان في خطواته في أكله وشربه، متشبهاً به في أكله وشربه ومقلداً ومتبعاً للموضة، أو أن يكون متبعاً لنبي الله صلى الله عليه وسلم وهديه وإرشاده ؟!.

مما لا شك فيه أن غياب القدوة في الأسرة أحدث خللاً أوجد هذا السلوك المخالف لقيم الرجولة، وملامح الشخصية المسلمة المستقيمة، وكأننا فقدنا الصواب ونعيش في مجتمع غربي ليس له صلة بالدِّين الإسلامي الحنيف، والانتماء لبلد مسلم ومحافظ.

لهذا علينا أن ننتبه لخطورة هذا الأمر وننبه عليه حتى لا يصبح عادة وسلوكاً تقتدي به أبناءنا والأجيال القادمة، ولنكن القدوة الحسنة في الدين والسلوك والفطرة، فمن المعلوم أن كل مؤمن عاقل سوف يستحضر مخافة الله، ويؤمن بما جاء به الدين القويم، ويختار اتباع هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، والأخذ بتوجيهاته، ويحترم ثقافة المجتمع والعادات والتقاليد التي تجنبنا الوقوع في المحظور، فديننا ومجتمعنا من تلك السلوكيات المقلدة العمياء برآء، وعلينا أن نتذكر قوله سبحانه وتعالى:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}- [التحريم:6].

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights