الحكماء يتحدثون عندما يكون لديهم شيئاً ليقولوه
أحمد بن موسى البلوشي
غرّد أحدهم في تويتر يمتدح أحد الأشخاص، ربما تربطه به علاقة ومعرفة، أو قدّم له خدمة أو عمل، والجميل في الموضوع أنّ عدد المتفاعلين مع التغريدة كبير جدّا، لكن المزعج كثرة الردود المسيئة للشخص، والتنمر عليه، وأنا على يقين بأنّ أغلبهم لا يعرفون شيئا عن الشخص الذي تمّ مدحه، ولا عن إنجازاته والأعمال التي قام بها، وهذا يدلّ على أن نسبة كبيرة من مرتادي هذه المنصّات يجهلون الطريقة السليمة في استخدامها، والهدف السّامي منها، ودليل كذلك على أنّ الغالبية منهم لا يحمل فكرا، ولا ثقافة، وكل ما يكتبه مجرد تقليد لما يكتبه الآخرين، أو مشاركة عشوائية بلا معنى، وبدون أن يميز بين الصواب والخطأ، فهل هذا جهل وعدم معرفة؟ أم فراغ؟ أم مجرد موضة كما يظنّها هؤلاء؟
ولا شكّ بأنّ التقدم التكنولوجي الهائل والسريع والثورة الصناعية الرابعة أثّر على جوانب متعددة من حياتنا، فأصبح من الصعب العيش بعيدا عن منصّات التواصل الاجتماعي، بل يجب علينا أن نتعايش معها بما تحمله من حقائق ومعلومات ومعارف، والأهم أن نقطف ما هو مفيد من ثمرها، فأصبحت مقصدا للكثير من العلماء والقادة والمؤثرين، وجزءا من حياتنا اليومية فهي عبارة عن تطبيقات تم تصميمها بهدف أن يتواصل البشر مع بعضهم بعضاً، لتبادل المعلومات والأخبار المهمة والمفيدة، فمن الجيد أن يطّلِع الشخص على محتوى هذه المنصّات ويستفيد من كل ما يُطرَحُ فيها، ويشارك برأيه ومقترحاته، ويتبادل معهم المعلومات والأخبار، بحيث يستفيد منهم ويستفيدون منه، فهناك الكثير من الحسابات لأصحاب العلم والعلماء، ويمكننا أن نتواصل معهم ونستفيد من العلم والخبرة التي يمتلكونها في مجال تخصصهم.
كما أنّ الهدف من هذه البرامج ليس المشاركة فقط بأيّ محتوى بل أن تشارك بشيء يستحق المشاركة، أما إن كان لديك حسابات في هذه البرامج وتقوم بالمشاركة العشوائية تنتقد هذا وتسب هذا وتقلل من شأن هذا، فهنا تكمن المشكلة في استخدامها، يقول (Plato): “يتحدث الحكماء فقط عندما يكون لديهم شيئاً ما ليقولوه، بينما يتحدث الأغبياء عندما يكون لديهم فقط الرغبة لقول شيء ما”، ويجب أن ننتبه لنقطة جوهرية في الموضوع بأنّ هناك فرق بين المعلومات العامة والخاصة، فهذه البرامج ليست لنشر خصوصيات حياتك، وكيف تعيش، وما تملكه، وما تأكله، ولا تطرح أسئلة غير منطقية وتطلب من الآخرين الردّ عليها؛ لأنّ مثل هذه التصرفات تستفزهم وتجعلهم يتنمرون عليك ويكتبون لك كلاماً غير لائق وغير مهذب، واعلم جيدا بأنّك تتعامل مع شريحة متنوعة من البشر، ولا تربطك بهم أيّ علاقة، فكن أكثر عقلانية في مشاركاتك.
وفي الختام، فإن منصّات التواصل الاجتماعي وجدت لكي نستفيد منها، ونفيد الآخرين بما نملكه من معرفة وعلوم، ويجب أن نستخدمها الاستخدام الأمثل بما يعود علينا بالنفع ويحقق آمالنا وطموحاتنا.