سلامًا على هذه التربية
أحمد بن موسى البلوشي
نعيش في عصر يتميز بعدم الاستقرار في كل مجرياته، تغير مستمر وحاد في كل شيء، فهناك العديد من الأمور التي تعودنا وتربينا عليها؛ ولكنها تغيرت في هذا الزمان، وربما يكون للثورة التقنية والمعلوماتية الأثر الأكبر في ذلك، وليس العيب فيها وإنّما في طريقة استخدامها، ومن أهم الأمور التي يجب أن نركز عليها في هذا الوقت هي تربية الأبناء، ولا أقصد هنا التربية التي تعودنا عليها بمفهومها العام فقط، فلابد أن يتسع نطاق التربية لدينا ليشمل كذلك التربية الالكترونية لما نلاحظه ونشاهده من الأمور المشينة، والتصرفات غير المسؤولة؛ خاصة في وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة فلا قيم ولا أخلاق، ولا تقدير للآخرين، عدا عن عرض أمور لا تمتّ للدين بصلة، ولا ترتبط بقيم المجتمع وعاداته وأعرافه، هذا والكثير من المقاطع التي تستدعي منّا كأولياء أمور مراجعة حساباتنا في طريقة تربية أولادنا؛ بدلا من أن يربيهم المحتوى الالكتروني المنحط في هذه الوسائل، والتي أصبحت بأنواعها المختلفة المسموعة، والمقروءة، والمرئية منها جزء من تربية الأطفال.
فمع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح العديد من الآباء والأمهات يفقدون السيطرة على أبنائهم كما كانت سابقاً، هذا بدوره أدى إلى ظهور جيل غير قادر على تحمل المسؤولية، ولا يتمتع بالقليل من القيم والأخلاق الدينية والمجتمعية، ويفتقر للأسف للقيم والعادات التي تربينا عليها؛ فأصبحت وسائل التواصل الاجتماعي مسرحاً مفتوحاً لعرض الأجساد من الجنسين وبصورة أكاد أجزم بأنّها بشعة، وتخلو من الجمال الذي ترغب العين أن تراه من الطرف الآخر، ومعرض لصور الزوج وزوجته بطريقة غير لائقة اجتماعيًا، وليست مرتبطة بعاداتنا لا من قريب ولا من بعيد، ومساحات صوتية منحطة لدرجة كبيرة وتناقش مواضيع أكثر انحطاطًا، ومواضيع تمس الدين الإسلامي الحنيف، وقضايا تنشر بلا هدف مرجو منها، فأغلب محتوها هزيل ولا يمكن الاستفادة منه، وحسابات متابعيها بالملايين ومحتواها يساوى صفرًا، تعرض فقط أجساداً وإعلانات لشركات ومنتجات متعددة، وللأسف الشديد فأغلب مرتادي هذه القنوات والوسائل شباب في ريعان العمر، وأصبحت تُمثل جزءًا كبيرًا من حياتهم، ففي استطلاع قام به “مركز بيو للأبحاث” في عام 2018 ، وتكونت عينته من 750 طفلاً تتراوح أعمارهم ما بين 13 إلى 17 عامًا، فكانت الصدمة أن 45% من العينة متصلون بالشبكة العنكبوتية بشكل مستمر، و97% منهم يستخدمون منصات التواصل الاجتماعي مثل YouTube أو Facebook أو Instagram أو Snapchat، أليس الأمر مثيرا للقلق؟، أين التربية الدينية والمجتمعية والأسرية عن هذه الفئة؟، وأين دور الوالدين؟ هل وصل البعض لهذه الدرجة من الدونية في الأخلاق والقيم؟ أم أنّها المدنية التي يطالبون بها؟
فبعد هذه المواقف التي شاهدناها وسنشاهدها في قادم الوقت بوسائل التواصل الاجتماعي وجب علينا أن نربي أبناءنا على التربية الالكترونية وثقافتها، كما يجب على الأبوين أن يشرفوا على أبنائهم وما يتابعونه في هذه الوسائل، وما يشاركون به من محتوى، وأن يضعوا حدوداً معقولة لاستخدام أبنائهم للشبكة العنكبوتية، وكذلك سؤالهم عن الكيفية التي يستخدمونها لهذه الوسائل، فعندما نرى تصرفات هذا الجيل في وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة وبهذه الصورة نقول سلامًا على هذه النوعية من التربية.