عاملة المنزل بين الضرورة والضرر
هلال بن حميد بن سيف المقبالي
أصبح وجَود عاملة المنزل من الأساسيات الاسرية في بعض المجتمعات، و نمط من أنماط الحياة الاجتماعية، و لا يكاد يخلو منها أي بيت في مجتمعنا العُماني،_إلا ما ندر _، فقد أصبح لعاملة المنزل أهمية كبيرة في الوقت الحاضر، خصوصاً إذا كانت المرأة تعمل، فهي تسهل الحياة عليها؛ حيث تقوم العاملة بمساعدة المرأة، وأفراد العائلة في الأعمال المنزلية اليومية، مثل الطبخ والتظيف والغسيل، والاهتمام بنظافة المنزل وترتيبه على مدار اليوم، و عند بعض الاسر يتعدى دور عاملة المنزل من المساعدة في الأعمال المنزلية لتصل الى تربية الابناء، والاهتمام بكبار السن، و رعاية الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، لذا يعتبر وجود العاملة ضرورة إجتماعية، تفرضها طبيعة الحياة الاجتماعية الحديثة والظروف المعيشية.
رغم ضرورة الحاجة إلى عاملات المنازل الا ان هناك أضرار تظهر من قبل هذه الفئة، لا تمحوا آثارها السنين، حيث تؤثر هذه الاضرار على الأسرة والمجتمع.
1. اول الضرر يكون على الأطفال حيث يتعلق الطفل بالعاملة، ويكتسب منها لغتها أو اللغة المتكسرة التي تتكلمها، و أيضًا يكتسب الطفل عادات وتقاليد غربية، وصفات دخيلة على مجتمعه تمارسها عاملة المنزل على مرآى ومسمع من الأطفال؛ فالأطفال هم الأكثر جلوسًا مع العاملة. كما أن بعض العاملات يعمدن إلى تخويف الأطفال، سواء بالضرب، أو باستخدام النار، أو غيرها من مظاهر العنف، مما يؤثر سلبًا على نفسية الطفل على المدى البعيد حيث ينعكس ذلك على علاقاته بالمجتمع سلوكًا واخلاقاً. و هناك الكثير من الدراسات أكدت ان وجود الطفل بصفة مستمرة مع عاملة المنزل يؤثر سلبياً على نموه اللغوي والعقلي ، حيث يكتسب الطفل من خلال العاملة مفردات لغوية ركيكة غير متماسكة، و عيوب في النطق كالثأثأة أو الفأفأة أو التهتهة، وتصرفات وعادات بعيدة عن واقعه المجتمعي.
2. تدخل عاملة المنزل بحياة كل افراد الأسرة كونهم يعيشون مع بعض، وتشاهد كل تفاصيل حياتهم؛ بحيث تفتقد الاسره خصوصياتها في وجود العاملة، و تقل حريتهم في الحديث، و التعامل فيما بينهم، إلا في غرفهم، لأنهم يحسون أن هناك من يراقبهم ويستمع إليهم.
3. المعاملة السيئة لكبار السن كالضرب، وعدم الاهتمام بهم وبنظافتهم بالشكل الذي يراد من العاملة ، و عدم التقيد بالعمل الذي جلبت من أجله ، لرعاية هذه الفئة. وبدوره لا يستطيع كبير السن أن يشتكي عليها؛ بسبب الخوف منها وتهديدها له، وكذا الحال مع ذوي الاحتياجات الخاصة.
4. نقل المشاكل و الهموم التي كانت متواجده في مجتمعها وأسرهتها إلى الاسرة التي تعمل بها، فتتأثر الأسرة بهذه المشكلات، وتمنحها حرية أكثر لتفريج عنها، مما يؤدي إلى انفلات هذه العاملة، وطلب المزيد من الحريات.
5. التقرب من الزوج و الكبار من الابناء والبنات لغايات في أنفسها، وزعزعة استقرار الأسرة.
6. الأنتقام من أحد أفراد العائلة في حالة غضبها من أي موقف يحدث لها.
و في حالة حاجة الأسرة إلى عاملة منزل و للحد من الأضرار المترتبة من سلوكيات عاملة المنزل يفضل القيام بالأجراءات التالية:
1. يجب على الأسرة مراقبة هذه العاملة وخاصة في حالة تربية الأطفال، او الاهتمام بكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة، وعدم الاطمئنان لها، وإن كانت المرأة تعمل، فهذا لا يمنعها من الاهتمام ببيتها وأسرتها فعليها تربية وحضانة أبناءها بيدها، والاهتمام بهم بعد عودتها من العمل، وعدم ترك الأطفال طوال الوقت مع العاملة.
2. حرص الآباء على الاحتفاظ بدورهم داخل الأسرة، والاهتمام بالأبناء ، وعدم التخلي عنهم بأي شكل من الأشكال، والاستماع اليهم، لكي لا يفتحوا المجال لاقتراب العامله منهم.
3. تحديد الغاية من وجود العاملة في المنزل، وتوظيفها في موضعها المناسب، وتوجيهها، على أن تكون مساعدة فقط وألا يتعدى دورها دور المساعدة.
4. وضع ضوابط صارمة لمظهر العاملة وأسلوب حديثها وطريقة تعاملها مع جميع أفراد الأسرة، وعدم أعطائها المجال للتدخل في خصوصيات الاسرة.
5. جعل العلاقة بين العاملة وربة المنزل والاسرة بشكل عام علاقة مبنية على الأخلاق والإحترام، و التعامل معها بإنسانية مطلقة مما يبعد ضررها عن العائله، مما يجعل لطرفين الاحساس بالراحة النفسية.
ختاماً، يقال أن عاملة المنزل “شر لابد منه” ويتضح ضرورة وضرر وجودها في منازلنا إلا أنه لا يوجد أي سبيل للاستغناء عنها، رغم الضرر الذي يحيط بالأسر من هذه الفئة، ناهيك عن المشاكل التي تحدث بين هؤلاء العاملات والاسرة َومكاتب استقدام الايدي العامله، سواء من قبل العاملة نفسها، أو بسبب تعامل الاسر معها. وفي النهاية يجب ألا ننسى أن هذه العاملة تركت بلدها، أهلها، بيتها و أبناءها بحثاً عن لقمة العيش، والحياة الكريمة، فالمعاملة الحسنة للعاملة من قبل الأسرة هي التي تحدد تصرفات العاملة في المنزل.