صديق آخر يترجل عن صهوة جواده (حمد العوفي)
طالب المقبالي
( وَبَشِّرِ ٱلصَّـٰبِرِینَ ٱلَّذِینَ إِذَاۤ أَصَـٰبَتۡهُم مُّصِیبَةࣱ قَالُوۤا۟ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّاۤ إِلَیۡهِ رَ ٰجِعُونَ)
فجعت ولاية الرستاق صباح اليوم بفقد إنسان عرف بالطيب والكرم وحسن الخلق.
حمد بن سعيد بن علي العوفي ، هو ليس مجرد زميل عمل ، وإنما هو أخ وصديق وسند ، يشد عضدك في الشدائد.
جمعتني به صحبة عمل بدأناها في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل آنذاك في بداية ثمانينيات القرن الماضي ، ثم أكملناها في وزارة الاسكان معاً في قسم مشروعات الإسكان ، وكان الساعد الأيمن والصديق المقرب جداً ، حتى بعد انتقالي من وزارة الإسكان عام 1991 ما زال التواصل بيننا مستمراً ، وكنت أبعث إليه كل أسبوع نسخة من مقالاتي الصحفية ، وكان دوماً يقترح عليَّ الكتابة في مواضيع معينة ، وبالفعل أكتب ، أو أغرد في تويتر ، وكان يسرّ جداً بالاستجابة لمقترحاته .
حمد العوفي كانت لا تفارق وجهه الابتسامة ، وكان يستقبلك بالفرح والسرور ، وكان رحمه كريماً مضيافاً محباً للخير ، يساعد الآخرين بما يستطيع.
وأعترف أنه بعد انتقالي من الاسكان قلّ التواصل الجسدي بيني وبينه ، إلا أن التواصل بالهاتف لم ينقطع ، وآخر اتصال بيني وبنه كان بتاريخ 2 من هذا الشهر ، لكنه لم يرد على رسالتي ، ولم أنتبه لذلك معتبراً أن الرد على المقالات غير مهم ، واليوم علمت أنه كان يرقد في المستشفى بسبب مشاكل صحية ، وقد تدهورت حالته ، ويظن كثير من الناس أنه توفى بسب وباء كورونا ، إلا أن احد أبنائه أكد لي أنه لم يصب بكورونا ، وأن العائلة هي من قامت بمواراة جثمانه الثرا وليس فريق كورونا .
تعددت الأسباب والموت واحد.
حمد العوفي كان أيقونة هامة في حياتي خاصة في مرحلة العمل معاً ، وكان بمثابة المستشار لي والمعين لأداء عملي ، وكان ينبهني إلى أمور ساعدت في حل كثير من مشاكل العمل ، وكنت أستمع إلى نصائحه بإنصات ، وقد عملنا معاً بكل تفان وإخلاص .
وأكرر أن هناك كانت فجوة كبيرة حدثت بعد انتقالي من الإسكان وقلت الزيارات بيننا ، فكانت آخر زيارة بيننا هو المبادر بها قبل جائحة كورونا الذي ابتلانا الله بها ، وكان دوماً يدعوني أن أزوره ونعيد السيرة السابقة ، إلا أن ظروف كل منا تحول دون ذلك ، وأصبح التواصل بالطرق الافتراضية هو البديل .
حمد العوفي سيبكيه كل من عرفه وعاش بقربه واستقى بفيض حبه ووفائه وإخلاصه .
ودوماً يرحل الطيبون عنا ، سائلين الله تعالى أن يتغمدهم بواسع رحمته وأن يجعل مثواهم الفردوس الأعلى ، إنه سميع مجيب الدعاء .
إن مناقب الأخ حمد العوفي لا يمكن أن تحتويه هذه الكلمات ولا يمكن أن توفيه حقه ، فلو أردت سرد الذكريات كاملة لما استوعبته هذه الأسطر ، وفي جميع الأحوال سيبقى اسمه محفوراً في أعماق محبيه إلى الأبد .
ولعل الصور التي اخترتها للنشر مع هذا المقال تبين مدى العلاقة بيني وبينه رحمه الله ، وهي خير شاهد إن لم تعطي الكلمات شرحاً وافياً عن مدى هذه العلاقة .
رحمك الله يا أعز صديق ، وأسأله تعالى أن يجعل قبرك روضة من رياض الجنة ، وأن يدخلك فسيح جناته ، وأسأله تعالى أن يبارك في ذريتك ، إنا لله وإنا إليه راجعون .