العلم المفتوح
أحمد بن موسى البلوشي
تحدث العالم الفيزيائي الأسترالي “ميخائيل نيلسن” عن أحد أشهر الأساتذة في جامعة كامبريدج وهو تيم غاورز، حيث قام تيم غاورز في عام 2009 بطرح سؤال مثير في مدونته الخاصة: هل الرياضيات التعاونية الضخمة ممكنة؟ حيث قام بطرح مسألة رياضية صعبة في العلن، وطلب من المختصين والمهتمين مشاركته حل المسألة الرياضية، أصدر دعوة مفتوحة لأي شخص بالعالم ولديه فكرة أو حل لهذه المشكلة بالمشاركة، وكان هدفه إدماج مجموعة من العقول والأفكار لحلّ المسألة المعقدة، وفي النهاية أعلن تيم تمكنهم من الوصول لحلّ لهذه المسألة.
إنّ مفهوم العلم المفتوح ليس جديداً، رغم حداثة استخدامه على نطاق واسع، وتعرفه فوستر(FOSTER) بأنّه: “ممارسة العلوم بطريقة يمكن للآخرين أن يتعاونوا ويساهموا فيها، حيث تكون البيانات البحثية والملاحظات المعملية وعمليات البحث الأخرى متاحة بحرية، بموجب شروط تسمح بإعادة الاستخدام، وإعادة التوزيع، وإعادة الإنتاج للبيانات الأساسية والطرق العلمية”، إذ يمثل العلم المفتوح منهجاً علمياً جديداً معتمداً على تعزيز التعاون والمشاركة في نشر المعرفة، عن طريق التغيير المنهجي في طريقة العلم والبحث، وذلك بهدف إزالة الحواجز والقيود التي تحول دون مشاركة المخرجات والموارد والأساليب والأدوات مع الآخرين، وجعلها متاحة أمام الجميع مما يسمح بالوصول إلى البيانات والمعرفة والمعلومات على أوسع نطاق.
فالعلم المفتوح، أو “العامل الحاسم الحقيقي- كما تصفه اليونيسكو- حركة متنامية تسعى إلى زيادة شفافية العملية العلمية وجعلها أكثر شمولية، من خلال إتاحة المعارف والمنهجيات والبيانات والأدلة العلمية مجاناً، حيث يمكن الانتفاع بها”. فالعالم أصبح أكثر ترابطا عمّا قبل، ويمتلك الأدوات التي تعينه على تبادل المعلومات والمعارف والمنهجيات المختلفة التي تساعده على اتخاذ قرارات للتوصل إلى حلول للتحديات العالمية الحادثة، وتعتبر جائحة كورونا (كوفيد 19) خير مثال على ذلك، حيث كانت هناك استجابات عديدة من المجتمع العلمي لعلاج الجائحة، مما ساعد العالم في التوصل إلى العديد من العلاجات، واللقاحات، وهذا دليل واضح على دور العلم المفتوح في تحقيق وإيجاد أفضل الحلول العلمية في مواجهة التحديات العالمية، فهل سنسمع قريبًا عن مبادرات حول العلم المفتوح في الدول العربية أو الإقليمية أو الخليجية تساعدنا في التغلب على الكثير من التحديات والمشكلات العلمية؟
وأختم مقالي بقول من أقوال المغفور له مولاي صاحب الجلالة السلطان قابوس -طيب الله ثراه- “لطالما أكَّدنا على أهميَّة العلم والمعرفة، وضرورة متابعة مستجدَّاتهما بكافَّة السُّبل المتاحة بذهنٍ متَّقدٍ على أساسٍ من التَّدبُّر والتَّجربة؛ لأخذ الصَّالح المفيد، وترك ما لا طائل من ورائه، بل إنَّنا نسعى إلى تحفيز الهمم للإضافة الجيدة في هذا المجال؛ فمهما اجتهد المجتهدون يبقى ما وصلوا إليه شيئًا يسيرًا أمام بحر العلم الواسع وما تأكيدنا على العلم النَّافع إلا إدراكٌ منَّا بأنَّه هو المنطلق الصَّحيح لكسب المعارف ونيل الخبرات والمهارات بما يمكِّن هذه الأجيال والأجيال القادمة من الإسهام إسهامًا فاعلًا في خدمة وطنها ومجتمعها وتلبية متطلَّبات التَّنمية على بصيرةٍ وهدى”.