وادي حودل.. قرية تستنجد المسؤولين من تأثير الكسارات
أحمد بن سليَّم الحراصي
Al.aast99@gmail.com
قرية صغيرة تحيط بها الأودية من جهات عديدة، تبعد عن قرية المنصور (الذي يقع بها حصن المنصور) بحوالي 6 كيلو مترا تقريبا، قرية لها في الطبيعة ما يستحق العيش فيها، أوديتها وجبالها ورمالها التي تتميز بها تهبها الجمال الذي تستحقه، لكن ربما من سوء حظها أن تقع تحت نصب الحرية، أن ترزح تحت تأثير الكسارات وضجيج الشاحنات ليلا ونهارا، أن تتلوث بالغبار المتطاير لتصبح بيداءً قاحلة!.
قبل أكثر من 10 أعوام تقريبا، بدأت المشكلة بإنشاء أول كسارة وبالفعل وكأي كائن حي يعيش في بيئة تأقلم وتكيف فيها فأنه غالبا ما يدافع عنها فيما يهدد انقراض بيئته، لذلك كانت المطالبات من الأهالي كثيرة، ذهبوا للمديريات والدوائر الحكومية المعنية بالأمر، إلا أنها لم تجد آذان صاغية وكأن الأمر شيء لا يعنيهم، الأهالي جميعهم يعرفون أن هذه الكسارة ستؤثر عليهم من نواحٍ عديدة لاسيما التلوث البيئي الذي يهدد الحياة البشرية بالكثير من الأمراض كالربو وأمراض الجهاز التنفسي الناتج من الغبار المتطاير، ونفوق الحيوانات، وتهالك المزارع، ناهيك عن الصخب والإزعاج والضجيج الناتج من التفجير للجبال، والشاحنات التي تزن بالأطنان حركتها بين روحة وجية تؤثر على جودة الشارع العام ويصبح رديئا (هذا إن وجد شارع معبدٌ بالفعل)، فالشارع لم يكن معبدا أساسا وستزيده سوءا أكثر فوق سوءه، والسرعات التي يمتطيها سائقي هذه الشاحنات قد تتجاوز الحد المعروف ما ينتج عنها حوادث لا حسبان لها، لا أخفي عليكم أن جميع هذه التوقعات التي تكهنها الأهالي غدت واقعية ساعة بدء تشغيل هذه الكسارة الأولى ورغم كل هذا، فلم تزل المطالبات والرسائل بين فينة وأخرى تُعاد إرسالها إلى الجهات التي فتحت الباب للمكتوب وأغلقت مصراعيه دون رد لأسباب قد تكون مخفية ولا يعلم بها إلا أصحاب الشأن.
ومع هذا الركود والبرود من أصحاب الشأن والمقام لا بد أن يأتي الجواب بتوالي الكسارات، فتوالت الثانية ثم الثالثة واستقرت عند الرابعة وقد نتوقع الكثير من الكسارات في الأيام القادمة لتصبح المنطقة منجما للكسارات إذا لم يكن هناك من يحس ويجس ومن يعنيه أمر الكائنات الحية وأمر البيئة التي نعيش عليها، أيضاً يجب عليَّ القول أن هناك كسارتان انسحبتا أو لنقل بعدما أخذتا مصالحهما من الثروات التي حققت لهن مبتغاهن ولم يُقدمن أية فائدة للمنطقة التي حلبتاها كحلب الماشية، ورفستاها كرفسة الثور الهائج نحو الغد المجهول.
نعرف جميعاً أن هذه الكسارات أنشئت لتنوع مصادر الدخل وتساعد الدولة في زيادة المردود الاقتصادي وعلى إنتاج الخرسانة، والمنتجات الأسمنتية، ومواد البناء، كما ساهمت هذه الكسارات في بناء الكثير من المشاريع التي انتهى منها وبعضها لا يزال قائما وقد أستطيع أن أذكر بعضا منها، فميناء السويق، والمصنعة،والخط السريع الذي يربط العاصمة مسقط بولايات محافظتي جنوب وشمال الباطنة هي مشاريع أخذت حقها من ثروات هذه القرية المذكورة إلا أن الواجب الذي انتظرته هذه القرية من هذه الكسارات والحكومة لم يُرد في مقابل الجميل الذي أعطته لهم، فهل هذا جزاء الإحسان؟.
ولأن المسألة هنا هي تجارة فهذا يعني أننا جميعاً شركاء في الربح وأننا نتقاسم المردود؛ فالقرية لا يوجد بها شارعٌ معبد يربطها بالولاية (الرستاق) ، أبسط حقها أن يكون هذا الشارع ضمن الأولويات التي تعب الأهالي من المطالبة فيه ولم تجد رداً إلا بعمل شارع معالجة سطحية! وبجهود من كسارة فقط دون تدخل حكومي فيها وتم مخالفة هذه الكسارة من قبل المسؤولين لعدم وجود تراخيص عمل قيام هذا الشارع!! وهو شارع لم يصمد في أكثر من شهر، فالشاحنات التي تدوس عليه ليلا ونهارا تحطمه إلى أشلاء، فكم من حفرة كبيرة على امتداد الشارع، فالقيادة بحذر مهمة في هذا الطريق وإلا أصبحت سيارتك ضحية هذا التعسف الهمجي.
الكثير منا في الفترات الأخيرة وخاصة أوقات الليل، لاحظنا الكثير من الغبار المتطاير الذي يحجب الرؤية وهذا إن دل فهو يدل على استغلال الوضع في عدم تشغيل الفلاتر التي تمنع الغبار من الانتشار لتفلت من رقابة البلدية عليها، هذا الغبار له آثار سلبية كثيرة من أمراض الجهاز التنفسي كما أنه يعد عاملا مهيجا للحساسية والربو، إضافة إلى أننا لا نقبل هذا التهاون من قِبل المسؤولين، فإن كنتم وافقتم لإنشائها فيبنبغي أن لا تتركوا الخيط والمخيط لهذه الكسارات فتمرح دون تشديد رقابة فيما إذا كانت تقوم بتشغيل الفلاتر أثناء ساعات العمل وفيما أنها تقوم بتغطية الحمولة المنقولة عبر الشاحنات، فنحن بشر ولسنا فلاتر تعمل على تنقية الهواء من الغبار، كنا نعيش على هواء نقياً وخالٍ من الغبار ونطالب أن نستمر في العيش على هذا المنوال ولسنا هنا لنتحمل تبعات هذا التهاون والتكاسل.
وبعد كل هذا فنحن نطالب المسؤولين في أن يلبوا مطالبنا، نريد أن تتحقق مطالبنا في رصف الطريق الذي يربط القرية بالولاية وهو طريق لا يتعدى 9 كيلو مترا، كما أنه طريق مهم جداً؛ كونه يوصل القرية إلى مشارف مستشفى الرستاق وهي مسافة قريبة جداً مقارنة بتحويل المسار عبر الخط السريع مرورا بالحزم، لذلك يعتبر هذا الطريق الخطوة التي ستمهد وستسهل الكثير من المعوقات في بُعد المسافة واختصار الوقت، فهو سيفيد قرى الغيل، والمنصور، والوقيبة، والمايدة، كما أنه سيكون محطة وصل سريعة للقادمين من ولاية الرستاق إلى مسقط عبر الخط السريع، لذلك فهذا الطريق بات مهما ويجب أن يكون هناك تكاتف وتعاون ما بين هذه الكسارات والحكومة لتسوية المطالبات وإنشاء هذا الطريق مع عمل مطبات لتخفيف السرعة عند المرور بالقرب من القرية، كذلك نطالب بتشديد الرقابة من قِبل البلديات لهذه الكسارات في تشغيل الفلاتر أثناء ساعات العمل، وهناك مطالب كثيرة إلا أنها في نظري لا تُفيد بعد أن سقط الفأس بالرأس ولكن الحل يكمن هنا بتشديد الرقابة وعمل الطريق هذا، والتعاون مع مطالبات الأهالي أياً كانت، فهم أصحاب الأرض ولهم ما عليهم من حقوق وواجبات سواءً من الحكومة أو من أصحاب الكسارات.
مطالبٌ في حد ذاتها بسيطة وكما أنها تسهيل لحياة الكثير من الناس للعيش بهنيئة وراحة في هذا الوطن العزيز بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم حفظه الله ورعاه وسدد في طريق الخير خطاه، الكثير من المسؤولين في الولاية يعرفون هذه القرية لكنها تحتاج إلى إعارة الاهتمام والنظر برؤية جلية ومن منظور الخير يعم الجميع، فالحق لأصحاب الأرض، فهم أولى بالوظائف التي توجد في هذه الكسارات وهم أولى بالخدمات كواجب الضيف للمضيف، فعندما تكون ضيفا كن مؤدبا ولطيفا ولا تترك الضيف ينتقد زيارتك ويشتكي لسوء أدبك وتصرفك وأخلاقك، فالأمر هنا سيان إذاً، عليكم فقط أن تتأدبوا وأن تنفذوا مطالب الأهالي التي لبثت ردحاً من الزمن.