2024
Adsense
مقالات صحفية

المقاومة العمانية للوجود البرتغالي في الخليج العربي والمحيط الهندي (( ١٥٠٧م – ١٦٩٨م ))

أحمد بن علي المقبالي

الجزء الحادي عشر: –
كان عن ثورات العمانيين ضد الاحتلال البرتغالي البغيض (( ثورة عام ١٥١٩م )).

الجزء الثاني عشر: –
مقالنا اليوم إن شاء الله تعالى عن ثورات العمانيين ضد الاحتلال البرتغالي البغيض.

👈 انتفاضة عام ١٥٢١م

– تُعتبر هذه الثورة هي الثانية بعد ثورة مدينة قلهات عام ١٥١٩م وحدثت احتجاجاً على الوجود البرتغالي في المنطقة واحتجاجاً على سياساتهم التعسفية والسيئة ضد السكان، ولكن ما يميز هذه الثورة هو أنها أكثر شمولاً فقد امتدت على طول الساحل من قلهات وحتى البحرين كما أنها كانت أكثر تنظيماً وتخطيطاً.

– من الأسباب الرئيسية لهذه الانتفاضة هو التدخل السافر للبرتغاليين في شؤون المنطقة الداخلية وهذا ما نستوضحه من رسالة ملك هرمز تورانشاه إلى الملك البرتغالي في لشبونة يشتكي له من هذا الأمر ويطلب منه الاهتمام بهذا الموضوع بالإضافة إلى المشاكل الاقتصادية التي تعاني منها المنطقة ولا يهتم بها نائب الملك البرتغالي في الهند لوبو سواريز ولا عمّاله في المنطقة.

– تزعّم هذه الثورة ملك هرمز شخصياً فقد تم التخطيط لها بشكل سرّي مُطلق في بلاط الملك وبإشرافٍ مباشر منه، وقد تضمن التخطيط ضبط بدء العمليات بجميع المناطق التابعة له في ساعة صفر واحدة وتنسيق التحرك بين الثوار وعليه فقد تم إرسال رسائل سرية لحكام المناطق الهرمزية على ساحل عمان والقطيف والبحرين تأمرهم بالتخطيط للثورة والالتزام بالتوقيت المحدد لضمان نجاحها.

– تولى ملك هرمز جزءً من الخطة على أن ينفذها شخصياً وهي تكتيك تشتيت سفن الأسطول البرتغالي وتقليل وجوده في الموانئ الهرمزية، لذلك اجتمع الملك مع قائد الأسطول البرتغالي في هرمز والخليج جاركيا دي كوتينهو وادّعى الملك وجود قراصنة في البحر ويجب القضاء عليهم فوراً وعليه فقد حرك جاركيا بعض سفنه لمطاردة القراصنة غير الموجودين أصلاً وبذلك نجح تكتيك الملك.

– تم تحديد ساعة الصفر بفجر يوم ٣٠ نوفمبر عام ١٥٢١م الموافق أواخر ذي الحجة عام ٩٢٧ للهجرة فاشتعلت ثورة عارمة في التاريخ المحدد ضد البرتغاليين في كلٍّ من هرمز والبحرين وقريات وقلهات وصحار.

– كان انطلاق شرارة الهجوم من هرمز فقد تمّت مهاجمة السفينتين البرتغاليتين المتبقيتين في الميناء وتم إشعال النار فيهما كما تمت مهاجمة الجنود البرتغاليين فقُتل ٦٠ جندي برتغالي وهرب الباقون ولجؤوا إلى الحاميات المحصنة وكان هذا الهجوم الناجح بقيادة شاهبندار التجار.

– قام الأهالي في البحرين بمهاجمة جميع المواقع العسكرية البرتغالية وقتلوا عدداً من الجنود وهرب الباقون إلى سفنهم وتم استيلاء الثوار على مركز التجارة البرتغالي وأسروا رئيس دار التجارة أو مكتب الجمارك واسمه روي بالي حيث تم شنقه، كما قام المنتفضون بمهاجمة القلعة الموجودة على الجزيرة.

– أما في صحار فقد كانت الانتفاضة عارمة وقوية فقد هاجم العمانيون جنود المحتل البرتغالي بقوة وعنف لدرجة أن عدد الناجين قليل، وقام الثوار باستعادة المدينة وتحريرها من البرتغاليين والهرمزيين أيضاً، فقد قامت القبائل العربية الصحارية بطردهم جميعاً وكان العرب العمانيون بقيادة حسين بن سعيد الجبوري زعيم الجبور.

– أما في قلهات فالوضع كان مختلفاً عما حدث في هرمز والبحرين وصحار فقد وصلت إلى قائد الحامية البرتغالية معلومات عن الثورة ويبدو بأن هناك احتمالين لعِلم البرتغاليين بأمر الثورة رغم الاتفاق المسبق على قيامها في وقت واحد فإما أن يكون أمر الثورة قد تسرب للبرتغاليين منذ فترة طويلة وبالتالي تحركوا لتفاديها وإما أن يكون حاكم المدينة لم يلتزم بالموعد المحدد للثورة.

– أخذ البرتغاليون في قلهات بمحاولة النجاة بأنفسهم وأخذوا بتحميل أمتعتهم الثمينة في السفن بشكل سريع ومع هذا قام السكان باعتراضهم ومهاجمتهم وتم قتل عدد منهم وأسروا الباقين.

– أما في مسقط فقد كان حاكمها موالياً للبرتغاليين ويبدو بأن تسريب المعلومات عن الانتفاضة العمانية كان من خلال حاكم مسقط الذي استقل بحكم مسقط عن مملكة هرمز تحت حماية البرتغاليين وعليه فإن البرتغاليين كانوا يحظون بالاهتمام من الشيخ راشد حاكم المدينة فقد حاول منع الأهالي من الثورة وهو ما أعطى الفرصة للبرتغاليين لطلب النجدة من الهند والنجاة بأنفسهم.

– حاول الشيخ راشد الهرب من مسقط مع بعض أتباعه إلى قلهات حتى تعود الأمور لسيطرة البرتغاليين مرة أخرى.
وهروب حاكم المدينة يشير إلى أن الأهالي قاموا بالثورة ضد البرتغاليين مما اضطره للهرب فعندما حدثت الثورة في هرمز قام القائد البرتغالي جوا دي ميرا بإرسال رسول إلى الهند ليبلغ نائب الملك البرتغالي في الهند دوم دورات دي منزيس بأمر الثورة فقام حاكم الهند على الفور بإرسال دوم جونزالو إلى هرمز لحث رجاله المحاصرين على الصمود لحين وصول الإمدادات القادرة على فك الحصار عنهم.

– وبهذا تعززت علاقات البرتغاليين مع حاكم مسقط وأصبح موقفه أكثر قوة وقد حاول القائد البرتغالي تخليص الأسرى من يد الثوار بالمفاوضات ولكنه لم ينجح في ذلك على ما يبدو لذلك عاد إلى الهند.

– أرسلت القيادة البرتغالية حملة أخرى بقيادة مانويل دي سوزا والوكيل التجاري في ساحل عمان فاز دي فيجا فبدأت هذه الحملة بهرمز واستطاعت تخليص الأسرى ونقلهم إلى مسقط.

– في فبراير عام ١٥٢٢م انطلق أسطول برتغالي من الهند في إطار الحملة الثالثة منذ قيام الانتفاضة العمانية ضدهم بقيادة دوم لويز دي منزيس وتتكون هذه الحملة من ثمان سفن مجهزة بكل ما تحتاجه لنجاح مهمتها.

مقالنا القادم إن شاء الله تعالى سوف يكون عن الحملة البرتغالية الثالثة للقضاء على انتفاضة عام ١٥٢١م.

المصادر: –
– المقاومة العمانية للوجود البرتغالي
في الخليج العربي والمحيط الهندي
(( ١٥٠٧م – ١٦٩٨م ))
المؤلف: –
أحمد بن حميد التوبي

– اليعاربة أمجاد وبطولات
المؤلف: –
د. أيمن محمد عيد

– دولة اليعاربة
المؤلف: –
د. عائشة السيار

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights