2024
Adsense
مقالات صحفية

مرآة الزمن

خلفان بن ناصر الرواحي

أيتها المرآة الصامتة الناطقة بخيال الصورة وانعكاس الخيال، وأنا أقف أمامكِ أتأمّل تجاعيد الزمن بخطوطه المرتسمة في الوجه والجسد، لقد أنهكتنا الأيام التي لم تنهكك، فأنتِ جماد، ولو كنتِ ناطقة بمفردات تجاعيد وجهي، ولو كنتِ شاهدةً عليها .
أنتِ حرّة فيما تعبّرين عنه بانعكاس صورتي أمامك، حتى وإن كان ذلك عندكِ حقيقة، لكنني أحاول أن أكابر ولا أصدق ما أرى وإن كانت تلك هي الحقيقة.

أيتها المرآة الصامدة في وجه الحياة، والمعلّقة على جدران البيوت ليقف من يقف أمامك، ويتأمل من يتأمل أمامك، ويتجمّل من يتجمل، وأنت تبتسمين ساعة، وتتأسفين ساعة، وتتألمين ساعة، وتتناغمين ساعة، وكأنك الببغاء التي تحاكي وتردد الصوت، وما الفرق بينكما إلا أنك تعبّرين بالخيال وترسمين انعكاس الصورة، وهي تعبّر بالصوت، والتشابه بينكما واحد من حيث المضمون، فكلاكما انعكاسٌ للحركة والسلوك لمن يتجرأ ويقف أمامكما، إلا أنكِ تفوقتِ عليها في تجسيد الصورة الحقيقية لرسم الحقيقة لِما وصلتْ إليه تجاعيد الوجه، وبياض الشعر وترهّل الجسد.

أيتها المرآة: ربما لا يفقه الكثير من البشر التخاطب معك، وربما لا يملك البعض المال لشرائك، وربما لا يحبّ البعض أن تكوني ضمن مقتنياته، ولكن تبقين في نظري العين الحقيقية التي يمكن أن ترسم ملامح الوجه دون تكلف، ودون إضافاتٍ من الكلام المزيف، ودون مجاملات مصطنعة، حتى وإن كنّا غير مقتنعين بما نراه فيك، فتلك هي الحقيقة وإن كانت مرّة…!

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights