المقاومة العمانية للوجود البرتغالي في الخليج العربي والمحيط الهندي (( ١٥٠٧م – ١٦٩٨م ))
أحمد بن علي المقبالي
الجزء السابع: –
تناولنا المعلومات الواردة عن سقوط المدن العمانية تحت الاحتلال البرتغالي.
الجزء الثامن: –
كان عن الهجوم البرتغالي على مدينة مسقط.
الجزء التاسع: –
مقالنا اليوم إن شاء الله تعالى عن الهجوم البرتغالي على صحار وخورفكان العمانيتين، وغيرها من المدن العمانية.
– تحرك الأسطول البرتغالي من مسقط حتى وصل صحار وبعد أن رسَت السفن قبالة الشاطئ تلقّى البوكيرك رسالة من حاكم المدينة يؤكد فيها بأن المدينة تابعه لملك هرمز وأنه إذا فكّر في النزول إليها فإنه سوف يلقى استقبالاً لن يروقه.
– وتحدث رسول حاكم المدينة عن الاستعدادات العسكرية التي تشير إلى وصول إمدادات تُقدّر بألفين من الفرسان وخمسة آلافٍ من الجنود المشاة وبمجموعٍ وقدره سبعة آلاف مقاتل ولكن البوكيرك لم يُعِرْ ذلك أي اهتمام، وطلب من الرسول أن ينصح الحاكم بأن يعدل عن موقفه ويرضخ لمطالبه، وإلا فإنه سوف يهاجم المدينة ويدمرها.
– يبدو أن خدعة الحاكم بإيهام القائد البرتغالي بوصول إمدادات كبيرة إلى مدينة صحار لم تنطلي على البوكيرك فقد كانت الاستعدادات في المدينة ضعيفة إن لم نقل بأنه لم يكن هناك استعداد أصلاً لمواجهة الهجوم البرتغالي، ولذلك وفور بدء الاستعدادات؛ لشن الهجوم على المدينة وصل وفد من الحاكم للبوكيرك يعلن خضوعه للملك البرتغالي وتسليم القلعة.
– دخل البوكيرك ببعض قواته قلعة صحار وأجبر الحاكم على رفع العلم البرتغالي وقبل أن يغادر ثبت حاكمها نائباً لملك البرتغال بشكل مؤقت في حكم المدينة.
– كما هو معروف بأن قلعة صحار قلعه حصينة جداً ودائماً كانت تقف حجر عثرة أمام أي احتلال للمدينة واستسلام وتسليم المدينة بهذه السهولة لهو دليل على أن الحاكم أراد أن يحافظ على منصبه وتثبيته في فيه هو خير برهان على ذلك وقد يكون أيضاً محاولة من الحاكم لتجنيب المدينة ما حلّ بجزر كوريا موريا وصور وقريات ومسقط وعدم مهاجمة البرتغاليين للمدينة يعتبر أيضاً دليلاً على هذا الرأي.
– بعد خضوع صحار توجّه الأسطول البرتغالي إلى خورفكان ويبدو أن الأخبار قد وصلت إلى المدينة عن طريق السفن الهاربة من المدن العمانية المحتلة لذلك استعدّ الأهالي للدفاع عن مدينتهم بقدر الإمكانيات المتوفرة لديهم.
– عندما وصل البرتغاليون إلى مدينة خورفكان استقبلهم العمانيون باستعراض عسكري على ظهور الجياد والتلويح بالأسلحة التقليدية.
– ظنّ العمانيون أن هذا الاستعراض سوف يردع البرتغاليين عن الهجوم على مدينتهم وبلدهم ولكن ليس هذا ما حدث، فقد أعطى البوكيرك أوامره لسفن الأسطول بقصف الساحل لإخلائه من القوات العمانية ثم قام بعمليات الإنزال فاندفع العرب العمانيون إلى داخل القلعة وتحصنوا فيها.
– قام الجنود البرتغاليون بقيادة أنطونيو ابن أخ البوكيرك بحصارهم وشن هجوم على القلعة فواجه مقاومةً عنيفةً واستبسالاً رائعاً فلحقت بالبرتغاليين خسائر كبيرة ولكنهم تمكنوا بعد قتالٍ مرير من الاستيلاء على القلعة.
– قام العرب العمانيون بمحاولاتٍ عديدة؛ لاسترداد القلعة وذلك بشنّ هجمات عنيفة على الجنود البرتغاليين، ولكنهم لم ينجحوا في ذلك فقام البوكيرك بهوايته المفضلة، فأمر بحرق وتدمير المدينة التي ظلت تحترق لمدة ثلاثة أيام كما وقع الكثير من الأهالي أسرى لدى البرتغاليين ولكن أطلق سراحهم بعد أن قُطعت آذانهم وجُدعت أنوفهم.
– من خورفكان تحرك الأسطول البرتغالي في اتجاه مسندم العمانية التي وجدها خاوية من أية قوة ممكن أن يصطدم معها ولذلك لم يرد في الوثائق التاريخية أن البوكيرك قام بأي عمليات عسكرية هناك.
– بوصول البوكيرك إلى هرمز والاستيلاء عليها يكون البرتغاليون قد استولوا على جميع المدن العمانية الاستراتيجية بموانئها المهمة، وتم تدمير وإحراق جميع المدن التي قاومت ما عدا قلهات وصحار اللتين فضّلتا الاستسلام بعد أن علمتا بما حصل بالمدن الأخرى.
– بعد عودة البوكيرك من هرمز مرّ على قلهات ولكنه استقبل استقبالاً سيئاً فقام بنهب المدينة وإحراقها كما أحرق جميع السفن الموجوة في الميناء بعد أن هزم قوات حاكم المدينة شرف الدين الذي انسحب إلى الجبال وقام بالهجوم مرة أخرى ليستعيد المدينة ولكنه لم ينجح في ذلك.
– أما صحار فقد ظلت طويلاً تحاول الإفلات من القيود الضريبية الثقيلة التي فرضها عليهم البرتغاليون على الرغم من استسلامها وخضوعها للملك البرتغالي، وكانت صحار في ذلك الوقت تحت حكم حاكم محلي اسمه محمد بن مهنا الهديفي الذي جعلها مركزاً تجارياً يشكل خطراً على تجارة هرمز ومسقط وهذا ما لا يقبل به البرتغاليون.
– قام أحد الزعماء المحليين واسمه الأمير عمير بن حمير الذي كان على خلافٍ حادّ مع حاكم مدينة صحار بطلب المساعدة العسكرية من البرتغاليين الذين وجدوها فرصة سانحة لا تعوض للسيطرة المباشرة على صحار، فقاموا بتقديم المساعدة على شكل أسطولين صغيرين يتولى أحدها الدوم فاسكو دي جاما ويتولى الآخر الدوم فرانشيسكو روليم.
– في ٢٩ أبريل عام ١٦١٦م شنت قوات الأمير عمير بن حمير هجومها على صحار من ناحية البر فيما شنت القوات البرتغالية هجومها من ناحية البحر وكان الجنود البرتغال يدفعون أمامهم أكياساً من القطن حتى تحميهم من طلقات رصاص المدافعين.
– هاجم البرتغاليون بالمدافع أحد الأبراج الذي يوجد فيه عدد كبير من الجنود العمانيين، فأحدثوا فيه فجوة كبيرة، فانسحبت الحامية فدخله المهاجمون وتم الاستيلاء على الحصن والبلدة في ليله واحدة.
– يبدو أن من ضمن الاتفاق بين البرتغاليين والأمير عمير بن حمير ألا يتم سجن أو استعباد أي فرد من العرب المدافعين أو أهالي البلدة، وأن يسمح لهم بالرحيل وأن يعطي الأمير جزءً من الأسلاب للبرتغاليين مقابل مساعدتهم له مع احتفاظه بالباقي، ولكن البرتغاليين نقضوا العهد أو الاتفاق بينهم فقاموا بعمليات النهب والاستيلاء على الغنائم والقبض على الأسرى وقد احتجّ الأمير عمير بشكل مستمر على هذه التصرفات ولكن دون جدوى ويعتبر هذا شي طبيعي مع أناس عُرف عنهم طبيعتهم الوحشية والهمجية مع عدم وجود إنسانية لديهم ومعروفون بنقض العهود والمواثيق.
– احتفظ البرتغاليون بالحصن ولم يسلموه للعمانيين وعينوا عليه قائداً اسمه أمارو رود ريجيز في الفترة من عام ١٦٢٠م إلى عام ١٦٢٢م.
– عام ١٦٢٣م قام الفرس باحتلال الحصن لفترة قصيرة وانسحب البرتغاليون، ولكنهم عادوا واستولوا عليه في شهر يونيو أو يوليو من نفس العام بقيادة فرييردي أندرادي والدوم جونكالودي سيلفيرا بعد مقاومة عنيفة وقتال شرس من الحامية الفارسية، وتم تعيين أمارو رود ريجيز قائداً للحصن مرة أخرى.
– وهكذا سقطت جميع الولايات العمانية المهمة في يد البرتغاليين، ولم تسلم أي مدينة عمانية من التدمير والحرق والقتل والتمثيل بالأسرى وحتى المدن التي فضلت الاستسلام تجنباً للدمار والخراب أبى الحقد البرتغالي إلا أن يجد المبررات والمسوغات؛ لتدميرها وتخريبها.
– في هذه السلسلة من المقالات ردّ جازم وواضح لكل من يقول بأن المدن العمانية استسلمت دون قتال بل قاومت لآخر رمق وما حلّ بها ما هو إلا نتيجة مقاومتها للاحتلال البرتغالي.
مقالنا القادم إن شاء الله تعالى سوف يكون عن الإدارة البرتغالية للمدن العمانية المحتلة.
المصادر:-
– المقاومة العمانية للوجود البرتغالي.
في الخليج العربي والمحيط الهندي.
(( ١٥٠٧م – ١٦٩٨م ))
المؤلف:-
أحمد بن حميد التوبي
– اليعاربة أمجاد وبطولات
المؤلف:-
د.أيمن محمد عيد
– دولة اليعاربة
المؤلف: –
د.عائشة السيار