طيبُ كلمات
خولة محمد
ما العبرة يا ترى من هذا الفصام الذي يسكن خلجاتنا؟
نفسنا التي بين جنبينا ونعجز عن فهمهما، ويأتيك أحدهم ليتفوَّه زُورًا أنه يفهمك!
قد يرى الآخرون ما نظهره لهم، ولكن الذي يُكْبَت بين الضلوع، هل مِن مُدَّعِي يزعم أنه يعلمه؟ لطالما أحسستُ بلهيب تلك المقولة، التي ينطقها بحرقة كل من رأى من صاحبهِ موقفاً لم يتوقع أن يُعايِن ذلك منه،
أو سَمِع ما يسوؤهُ من أحدهم كان يظنه أعَّز من أن يَنْطق بذلك،
فيقول بزفرات ساخنة (صدمتني)
بالطبع سيفعل!
لأنكَ كنت ترى قشورا
وتسمع حروفاً معسولة
ما إن تحين لحظة كُتب لها أن تَكْشِفُ تصنُّعاً لم يخطر ببالك البريء المخدوع
حينها تصمُّ أذنيك كلمات تكاد أن ترتدي من إِثْرِها درعٌ للحماية
حتى تتفادى طعنتها! حتى تأمن سوء وقعتها عليك.
إن لبعض الكلمات سوآت هي أولى أن تُوارى،
وإن لكثير من الضمائر التي تعاني السبات هي أولى باليقظة، وإن للحروفِ عثرات وخيانات لهي أولى بالتقويم، وإن للعيون نظرات هي أولى بالاهتمام والتأني بشأنها.
لا يكفي أن نرى الآخرين وجهاً ولبساً وعيناً تتلألأ، بل يجب أن نوقن أنهم موجٌ لا يهدأ من العواطف والمشاعر وبداخلهم قصص تعصف آلامٍ وربما إحباطاتاً مريرة، فرفقاً بهم قبل أن نتفوه بحرفٍ يوقظُ فيهم بؤس الأحزان ويُحيي فيهم شبح الإنتكاسات الماضية التي لم تتخطاهم بل انهدَّت جسور عبورها، فهي داخلهم كالمارد الذي ينتظر مسحاً طفيفاً حتى يستعيد وعيه! تذكر {…وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ …}– المائدة آية ٣٢-
فهناك كلمات سبباً للحياة والأمل
ما إنْ ننطق بها تتجدد الحياة في روح مستمعيها، ويمد لنا الله بسببها سبعين خريفاً، فلم نبخل!