2024
Adsense
مقالات صحفية

المولد النبوي إيمان راسخ ومنهج حياة واضح

 

عبدالله بن حمد الغافري

تعيش أمتنا العربية والإسلامية هذه الأيام نفحات ذكرى عزيزة التكرار جليلة القدر عظيمة الأثر؛ إنها ذكرى مولد خير البرية وسيد البشرية نبينا وقدوتنا وشفيعنا وقائدنا محمد رسول الله ﷺ ..

هذه الذكرى التي ينبغي أن يحتفي بها المسلمون في كل أرجاء المعمورة كي يذكروا العالم كل العالم يذكروهم بأفضال سيدنا محمد ﷺ ؛ إذ لم يكن مولده مجرد ولادة بشر خرج من بطن بشر بل ولادته كانت فتحا مبينا للحق المغيب في دياجير الجهل كي ينفض عنه غبار الدهر وما كسبت أيادي بعض الناس الذين جعلوا من أنفسهم ءالهة تعبد من دون الله تعالى! نعم تعبد وتبجل وتقدس إما لخرافتها التي تكبل بها عقول الناس أو بسبب ما تملكه من سلطة مالية كبيرة تغري بها السذج او قهر سلطة وحاكمية تذل باقي البشر ليكونوا مجرد أدوات وعبيد تخدم في الإقطاعيات والممالك التي تقاسمتها الطغاة فيما بينها ..

(يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ۚ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ ، يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) [سورة المائدة: 15_ 16]

عاشت الإنسانية ردحا من الزمن تحت وطأة الخرافة والذل والاستعباد والوثنية والشرك وهضم الحقوق إلا للأقوياء الى أن أرسل الله تعالى رسوله لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين ارسله بالهدى دين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره الكافرون أرسله ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون !!

ولد النبي صلى الله عليه وسلم في مكة المكرمة بين أحضان قومه العرب الذين لم يكن حالهم بأحسن من حالنا اليوم ! عرب أعراب تتقاذفهم عصبيات القبلية والانتماءات المتعددة وتلهث نفوسهم الى لقمة العيش في بيئة قاحلة يشعل فتيل حروبهم كلأ هنا وهناك! ويتغلغل في مجتمعهم الجهل والأمية وتحيط بهم قوى استعمارية اتخذت من بعض قبائلهم لتكون حائطا يحميهم من هجمات الصحراء في الحيرة وبصرى .. واتخذ مناذرتهم وغساسنتهم ليكونوا خنجرا يطعنون بها من يشاؤون من بني عمومتهم الا من رحم الله وما أشبه الليلة بالبارحة وكأن التاريخ استدار الى يوم البعثة المحمدية! ! ولكن هل سينزل رسول كلا وحاشا فرسولنا محمد هو خاتم الرسل أجمعين فلانبي بعده ولا وحي بعد القرآن الكريم ولكن الله تعالى هو المنقذ لا شك في ذلك *”حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا فنجي من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين”* وهدي رسول الله ﷺ لا يزال بيننا متحدثا وموجها فلماذا لا نشرب منه ما يروي عطشنا فتموت القطيعة الني بيننا ويحيا التواصل والإخاء؟!

جاءت رسالة الإسلام بالدين الحق *”ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين”* و *”إن الدين عند الله الإسلام”*
الإسلام دين التوحيد لله سبحانه دين الوحدة للأمة المسلمة الواحدة *”وأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون”* فكما عملت العقيدة الإسلامية على محو الشرك والوثنية فإنها دعت في الوقت نفسه الى وحدة المسلمين تحت راية ((لا إله إلا الله محمد رسول الله)) فالمعبود هو الله تعالى لا شريك له والرب هو الله سبحانه القائم على شئون عباده والخالق هو الله سبحانه والمدبر والمصرف وصاحب الأمر هو الله جل جلاله ..

كما أن التشريع والأخلاق والمعاملات والأحكام والقوانين هي من عنده جل في علاه فالشرع دين توحيد ووحدة والشرع كذلك دين إفراد للخالق سبحانه بالعبودية له وطاعته .. هو في ذات الوقت دستور الحياة الإنسانية بكل تفاصيلها .. ولم يأت الدين ليكون مجرد طقوس تمارس في المساجد ..!

*حقائق ثابتة في الإسلام:*

أولا: الله تعالى هو المعبود وحده ولا إله سواه ولا ند له
ثانيا: محمد ﷺ هو الرسول الخاتم ولا نبي بعده.

ثالثا: القرآن الكريم هو المنهج الإلهي الذي رضي الله تعالى لعباده وهو المعجزة الربانية التي تسطع كل حين لتبين حقيقة التوحيد وحقيقة محمد عليه افضل الصلاة والسلام.

رابعا: السنة النبوية الشريفة وسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام هما التطبيق العملي النموذجي للأجيال المتعاقبة من أمة الإسلام.

*احذر افتراءات ودعاوى قد تخرج صاحبها من ملة الإسلام!:*
1. احذر القول بفصل الإسلام عن الدولة! ..
هذه من الطامات الكبرى التي ابتلي بها بعض المتكلمين وعدد من المنظرين للحياة في عصرنا ؛فهم يرون بأفكارهم وعقولهم القاصرة أن محل الدين هو الجامع وأنه لا علاقة له بالشارع! .
الإسلام ليس دين رهبانية فلا رهبانية في الإسلام بل الإسلام دين حياة جاء لينظم حياة الإنسان المسلم وغير المسلم ممن ينضوي تحت سلطانه فيحقق العدالة للجميع .. *فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى*
ودعا الحاكم الى العدل بين <<الناس>> وليس بين المسلمين وحدهم *وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل* فالقول بفصل الدين عن الدولة رد لحكم الله تعالى الذي يشرع للبشرية ما يسعدها فالقرآن الكريم هو دليل المستخدم وهو ((الكاتالوج)) الإلهي لصلاح البشر..
وما معنى ان يشهد المسلم أن لا إله إلا الله ويشهد ان محمدا رسول الله .. فشهادة (لا إله إلا الله) تفيد الإقرار بان الله تعالى وحده هو المعبود بحق وأنه منه المبدأ وإليه الرجعى.. كما أن شهادة أن (محمدا رسول الله) تفيد أنك كمسلم مقر بكل ما جاء على يد النبيصلى الله عليه وسلم من وحي وتشريع يلزمك اتباعه وعدم الخروج عنه.

2. احذر الزعم بأن محمدا ليس رجل دولة وإنما هو نبي وحسب! ..

هذه طامة أخرى أشد خطرا وأقوى افتراء من سابقتها..
لقد جاءت آيات عديدة وأحاديث كثيرة تبين أن الحاكمية لله ولرسوله وللمؤمنين .. قال سبحانه/ *وأن احكم بينهم بما أنزل الله* وقال جل شأنه/ *وأنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما*
وقال سبحانه: *فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا حرجا منا قضيت ويسلموا تسليما”*
وقال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم : (ويحك إن لم أعدل فمن يعدل) فالحاكمية لله ولرسوله وللمؤمنين .. أما القوانين الوضعية التي لم تتخذ من الشريعة منطلقا لها ومنهجا فلاعدالة فيها لأنها من صنع البشر القاصرين عن معرفة خبايا النفس البشرية بينما الخالق لا يشرع الا ما يعالج هذه النفوس الني صنعها بيده *ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير*

3. احذر الهرولة نحو العلمانية الحديثة !!
العلمانية مصطلح حديث استخدمته المجتمعات الغربية للتملص من التدين أو أي ضوابط إلهية لحياة الإنسان .. فهي هرولة الى اللامعلوم واللامنضبط من التصرفات بل هي دعوة للحرية المطلقة تحت داعي (الاستمتاع بمقتضى الحرية الشخصية ) فاﻹنسان ينشأ مع أبويه في مرحلة قصيرة كالبهيمة حتى إذا اشتد عوده وصار يافعا خرج من بيته الى الشارع ليرى لنفسه من تقاسمه أو يقاسمها (الإنجويبل) أو المتعة ومن يحصل على عشيقة (قير فرند) أو تحصل على عشيق (بوي فرند) فقد حققت غاية المنى !! وهكذا تحيا البشرية حياة البهائم بهذا السلوك !! بل تعدت العلمانية الى موضوع التنازل في العقيدة تحت داعي (حرية الأديان) وقد حذرنا المولى من ذلك في سورة بأكملها وهي ((قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون..)) فالعقيدة الإسلامية واحدة كل لا يتجزأ والتنازل عن شيء منها يعني الكفر بما أنزل الله تعالى .. ومن يساوم بإسلامه من أجل قانون دولى أو توجه بشري منقوص؟؟ .. ولماذا للخوف من الإسلام وتعاليمه ؟؟ فالإسلام يشمل الجميع بسماحته وعدله والله تعالى غني عن عباده *”وقال موسى إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعاً فإن الله لغني حميد”* ولكن الله تعالى رحيم بعباده *”ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم”*
يمكن لكل المسلمين أن يتعايشوا مع جميع البشر وهم محافظون على دينهم دون تنازلات فيحيون واقعا عمليا عندها سيرتضيه كل الناس وسيدخلون جميعاً في دين الله أفواجا.. أما الهزيمة النفسية فلن تخلف إلا ذلا وتشردا وضعفا *”ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم”*

اللهم لك الحمد بالإيمان ولك الحمد بالإسلام
ولك الحمد بالقرآن
ولك الحمد بمحمد ﷺ ولك الحمد بالأهل والمال والمعافاة
اللهم لك الحمد بالبيت العتيق
اللهم لك بطيبة الطيبة وساكنها حيا وميتا
اللهم لك الحمد بصحابة رسول الله وتابعيهم
اللهم لك الحمد بديار الإسلام قاطبة.
اللهم لك بهذه الأمة العظيمة التي لا يفارقها الخير الى يوم الدين
اللهم لك الحمد أن حفظت لنا الدين وجعلتنا من أتباع سيد الأولين والآخرين محمد النبي الأمين ..
(قل يا عباد الذين ءامنوا اتقوا ربكم للذين أحسنوا في هذه الدنيا ولدار خير ولنعم دار المتقين)

وكل عام والجميع بخير

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights