2024
Adsense
أخبار محليةمقالات صحفية

البيئة التشريعية في التعاملات الإلكترونية

ظافر بن عبدالله الحارثي

القانون هو الدليل الذي لا يستغني عنه الأفراد في علاقاتهم وتعاملاتهم، فأينما وُجدت علاقة بين شخصين أو أكثر تواجدت القوانين لضمان سير الأمور واستقرارها بطريقة صحيحة وسليمة، وهذا الأمر ينطبق كذلك في برامج التواصل الاجتماعي أو المنصات الإلكترونية أو التطبيقات المختلفة المنتشرة عبر الفضاء الإلكتروني الذي يتمثل في (أية وسيلة تتصل بالتقنية الحديثة وذات قدرات كهربائية أو رقمية أو مغناطيسية أو لاسلكية أو بصرية أو كهرومغناطيسية أو ضوئية أو أية قدرات مماثلة لذلك)، والذي غالباً ما يستخدم من خلال برنامج أو نظام إلكتروني أو ما يعرف (بالوسيط الإلكتروني).

إن التوسع في التعاملات الإلكترونية هو أمر حتمي أكدت عليها الكثير من الحكومات، فضلاً عن تلك البحوث والتقارير التي كشفت لنا مدى تزايد الاعتماد عليها والتي صُدرت عن جهات المحلية ومنظمات دولية مختصة في هذا الأمر، مما قاد الحكومة إلى إيجاد منظومة تشريعية متكاملة ومُحكمة تواكب المتغيرات وتضمن فاعليتها من ناحية، وتزجر كل طرق وآليات الاحتيال والاعتداء من ناحيةٍ أخرى، وتكللت تلك الجهود في قانون المعاملات الإلكترونية الصادر بالمرسوم سلطاني رقم ٦٩ / ٢٠٠٨ الذي يهدف إلى تسهيل المعاملات الإلكترونية وإزالة العوائق والتحديات التي قد تنتج أثناء التعاملات مثالها: (الغموض المتعلق بالكتابة والتوقيع والإثبات وغيرها).

“إن قانون المعاملات الإلكترونية يُعدّ أول تشريعٍ عماني متكامل يختصّ بتنظيم التعاملات في العالم الرقمي”، والذي بموجبه تمّ بيان الكثير من الأمور المتعلقة بهذه النوعية من التعاملات، كما عمدت إلى توضيح الأنظمة الإجرائية المتصلة بها، فعلى سبيل المثال: (التعبير عن الإيجاب والقبول بواسطة رسائل إلكترونية في العقود جائزة بل تعتبر ملزمة لجميع الأطراف)، كما أن الرسالة الإلكترونية تنتج أثرها القانوني وتعتبر صحيحة وقابلة للتنفيذ شأنها في ذلك شأن الوثيقة المكتوبة، كما يكون لهذه الرسالة حجية في الإثبات، فقد حدد القانون مسؤولية كل الأطراف المتعاملين إلكترونيًا، كما حدد طرق حماية هذه التعاملات وكلّ ما يندرج تحتها من نُظمٍ معلوماتية وبيانات خاصة، فضلًا عن تحديده السلطة المختصة لذلك لضمان مصداقية وقانونية المعاملات الإلكترونية.

إن نطاق تطبيق هذا القانون يشمل المعاملات المدنية والإدارية – التي يمكن إتمامها إلكترونياً- بإستثناء ما تم إستثناؤه من تطبيق أحكام هذا القانون عليه كأمور الأحوال الشخصية (على سبيل المثال)، فقد أفرد المشرع نصوصاً خاصة تتعلق بالاستخدام الحكومي للسجلات والتوقيعات الإلكترونية، وأحكاماً خاصة متعلقة بالشهادات وخدمات التصديق.

والجدير بالذكر أن الفصل الاخير من أحكام قانون المعاملات الإلكتروني شمل عقوبات رادعة توقع على كل من يأتي بسلوكٍ مخالف للقانون، أو نشاط ينتهك من خلاله حقوق الغير وخصوصياتهم، كما أفرد المشرع جزاءاتٍ أخرى في قانون الجزاء تتعلق كذلك بكل اعتداء يتم من خلال العالم الرقمي.

مما لا شك فيه أن الحكومة الإلكترونية منهجٌ اتبعته السلطنة في وقتٍ مبكر، إلا أن هذا التشريع يخدم رؤية عمان ٢٠٤٠، كما يصب في مصلحة تحقيق أهدافها، لا سيما من خلال تحسين مؤشر الخدمات الإلكترونية ورفع كفاءتها وجودتها والعمل على الارتقاء بها عربياً وعالمياً، وذلك يرفع من حجم مسؤولية الجهات الرقابية في متابعة فاعلية هذه التشريعات والنظر في مدى أثرها في الواقع العملي، مما يزيد من مهام هذ الأجهزة في تعاونها مع السلطة القضائية والتنفيذية لسدّ كل ما من شأنه أن يفتح ثغرةً لطريق الفساد، بالإضافة لذلك يتعين على جميع جهات السلطة التنفيذية أن تكثف جهدها الإعلامي وتسخير كل ما من شأنه أن يُثري هذه المنظومة الإلكترونية.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights