مقال: ألوان نوفمبرية “تزهو بك الايام”
مصبح بن علي بن خلفان الكندي
أياما قلائل وتستعد السلطنة لتلبس ثوب العز والكرامة يتذكرها الصغار قبل الكبار لم يكن عام 1970 عاما يحمل اشارات الفرح والسعادة والزعامة لبلد فاق التصور ان ينهض كما نراه فقد ساده الصمت لأزمنة طويلة مزقته انامل التحدي والتشرذم وفتكت به الصراعات الداخلية والخارجية واطماع المعتدين ووساوس الخوف لدى المتآمرين ان يكون لهذا البلد اضاءات علم او فكر او لمحة بصر او بصيصه لينال شرف التقدم والزعامة لقيادة العالم نحو النجاة كما نراه الان .
الخوف يشعل قلوب اناس من ان يخرج هذا البلد عن صمته ، البسوه سياجا علميا متينا وفكرا مستنيرا ليخرج من بينهم ابنه البار بعد ان حطم القيود لينال شرف قيادة بلد انهكته الصراعات الى بلد انار دربه بكلماته التي أسقطت اسقف الانهيار والتقوقع ليعلم العالم ان في اقصى الجزيرة بلدا يقال لها عمان ينضح البحر من حولها والفكر من ابراجها بنيت على اسس متين من زمن العروبة التي عرفت مازن بن غضوبه دسه التاريخ علما وفكرا وخلقا حمل راية الدين الى عمان اصطدم مع صنمه الذي كان يعبده لينال شرف الوفود الى مدينة الرسول ثم يرجع اليها حاملا مشاعل العزة والكرامة ، وتتابعت قوافل الخير فجابر بن زيد لم يكن ايضا سوى شعلة اخرى اوقدت مطامع الاخرين في عمان بعد ان بزغ فكره وعلمه لتتابع شطحات الغزاة وهي تردهم واحدا بعد واحد ليحتل بعد ذلك البرتغاليين سداد العزة والكرامة فهيهات هيهات .
ليبدأ ناصر بن مرشد اليعربي حاملا راية عمان خفاقة عالية ولتستعيد عمان مجدها بكل قوة وصلابة وتقوم من كبوتها الى امبراطورية شهد العالم لها فتاريخها مليء بالفكر والعلم والسياسة والحنكة والعمل من اجل البشرية جمعاء والعماني بخاصه راية خفاقة ،عرفتها نيويورك وغيرها من البلدان فكان سفرائها دعاة وحكاما ونبراس فكر لم يكتب التاريخ سوى سويعات تنفض عن نفسها غبار الصراعات التي اذهلت صناع المجد ، استمرت الايام لتعيد لنا امجادنا حتى وصلنا الى الثامن من نوفمبر لأول كلمة انطلقت سنبني عمان بأسرع ما يمكن ، كلمات عايشناها جميعا فنحن من جيلها ومن عايشها واستمع بكل اذان صاغيه نقل الاجداد والاباء لناء ميراثهم الفكري فاستلمناه لنكون راية واحدة لعمان المجد والعز .
لن يحكي لنا شهر نوفمبر الا ملحمة شعبية بين القائد وشعبه ووعدا مقطوعا على وضح النهار ليستل سخائم القلوب والاجساد ولنبني معا عمان العزة والمجد والكرامة ، لقد ساد الصمت لسنوات عجاف انطقها حكمة قائد واصرار شعب لينجلي تاريخهم معلنا انا هاهنا ، ويستلم الراية من صناديد العلم والفكر ، ثم يعلن ان عمان ستبنى بسواعد ابنائها نعم يدا تبني ويدا تحمل السلاح ، كلمات صدح بها التاريخ وسطرها الشعراء والكتاب ، اقامت عمان مجدا على مجد فمن ليس له ماضي ليس له حاضر لن انقل لكم الا الوان كلمات شهر نوفمبر ليتسع للباحثين طريق مسدود شكل لنا عقبة وهمية اشعلت في شعبنا حب الوطن ، نادنا ومد يده فاستقام له الشعب من صحار الى الرستاق الى مسقط الى صلالة الى نزوى العز ولكرامة امجادا تحكي سلاسل الزعامة فمجد ابن سعيد لم يكن الا شجرة سطرها التاريخ وزانها العلم والفكر ، نال بها شرف حمل راية عمان ليسطره التاريخ قائدا عظيما ، وزع المدارس ليستنار بها والجوامع والمعاهد وغيرها من دور العلم في الجبال والسهول فهي تحكي مسيرة شعب لم يتأخر عن الركب منذ دعوة المصطفى لنا فنحن على العهد ماضون .
دعنا نرجع قليلا الى عام 1970 عندما اهلت بشائر العزة على الوطن بمقدمه وعلى سرجه السابح يحمل راية العلم والعمل والعزة والمجد فهب العمانيون ملبون حوله ، افترشت عمان ورود الفرحة في شهر نوفمبر الذي هو عالق على جبينها سطرها التاريخ والكل يشهد ، لم يجد العمانيين سوى ان يكتنفوا طريق السعادة ويلتفوا حول قائدهم فهتفوا باسمه وحياته ، فهتف قلبه بحبهم وحب عمان ، لم يكن سوى مدرستين فأصبحت مدارس تعج بها سهول عمان وجامعه يشهد لها التاريخ بانها رفعة ومنعة اسست على حجر سقته دمائهم الطاهرة الزكية فهي شامخة الى هذا اليوم ، ولعلني ارجع الى لقاء القائد في الثاني من نوفمبر بأبنائها وتشجيعه لهم نحو العلم والثقافة والبحث والتنقيب كلمات مازالت في شغاف قلبي ابحث عن معجم يفصح اكثر من ذلك لم اجد سوى ابتسامته كقائد يضع لبنات الحضارة امامهم ويستل الشوك من تحت اقدامهم يدفعهم نحو المجد في صرح عريق انها جامعة السلطان قابوس ليهتف الجميع بحياته .
عشنا في ايام زماننا نتذكره تحت شجرة كبيرة نستمع تلقين المعلم للسور والآيات الكريمة والحروف الابجدية وكذلك الحركات من فتحة وضمة وغيرها ثم تحت عريش يكاد يتساقط منه في وقت الشتاء رذاذ الماء والمعلم يكرر السورة تلو السورة ونحن نستمع ونردد من تلك الشفاه الصغيرة التي جبلت على حب العلم لننتهي بعد ذلك الى قراءة التامينة مع المعلم بختم آيات المصحف الشريف فتلك ازمنة مرت علينا حفرنا في شغاف قلوبنا لن تنسى ابدا لقد فقدنا معلمنا لكن عوضنا الله بأب حنون كأنني استمع الى المنادي في سوق الرستاق يعلن بخبر جديد والكل يستمع له بان نهضة قادمة يقودها ابن سعيد يحمل في طياتها خبرا يشرق مع شمس الفجر الباكر .
انتقلنا الى خيمة تكاد تسقط كل يوم على رؤوسنا والمعلم يردد عاشت عمان ، والاخر يعلمن النحو والاخر يلققنا واحد زايد واحد والاخر يخبرنا بان الفيل هاجم مكة ولم يستطع لان ارادة لم تمكنه من التقدم هكذا غرسوا فينا وتمضي الايام وننتقل الى فصل دراسي بني من الاسمنت تغيرت معه نفوسنا مللنا من تلك الخيمة ولكنها صنعت منا رجالا افذاذا نهلنا من العلم مازالت انغام الطابور ينادي فينا المعلم مدرسى صفا وهكذا لن ننسى تلك الايام ابدا .
وتبدأ حركة النهضة من مدارس ومستشفيات وغيرها من مرافق الحياة وينادي في شعبه شعبنا العزيز والكل يهتف لبيك نبني معا نجدد العهد لمسيرة قادمة يحكي بها زمن قادم كما حكى لنا اجدادنا عن زمن غابر نافستها الوان نوفمبرية جعلت منها شعاعا للفكر والعلم والتقدم الى شوارع منظمة ودولة عصريا جديده عرفها العالم باسره وجعلها محطا للسلام .
ان شهر نوفمبر يحمل للعمانيين امجادا تغنى بها التاريخ وسطرها في قلوبهم قبل سطورهم ، وهم عازمون على المواصلة والبناء فصرح التقدم يمضي قطارة لان اسسا قد وضعت سار عليها كل من اراد للوطن هذا ان يسمو ويرتفع وبأخلاقهم كان لهم الدور الاكبر في مسيرة عمان الغالية ، لذا فان شهر نوفمبر قد نقش في قلب كل عماني عاش الحضارة والمجد يهتفون بحياة قائدهم ، يطل عليهم كل عام ليعلن خطط المسيرة وما تجاوزته مسيرة الامس وماهو عنوان الطريق الى المستقبل ، فهو يرسم ويخطط وهم ينفذون ، الكل ينعم بما قدمه في الماضي من تضحيات لأجل الوطن وماهي الطريق التي رسمها القائد مع شعبه رغم كل العواصف التي تعصف بالعالم حولهم يتأثرون ويؤثرون ولكن تبقى راية عمان شامخة عالية خفاقة .
لم يبقى على اللقاء الى اياما قلائل فيها ندعو الرحمن ان يكلل المسيرة والخطوات التي بناها قائدنا المفدى بالخير والبركات وان يحقق لعمان ما تسمو اليه من مجد ورفعة حفظ الله القائد وشعبه وعمان قاطبة من كل كيد ومن كل غاصب ونساله ان يجمع عمان على الخير وان يلهم شعبه المنعة والراحة وان يحفظ سلطانه ويلبسه ثوب الصحة والعافية وان نحتفل اعواما مديدة بشهر نوفمبر معا هاتفين معه ( سر بنا نحو المجد فنحن ماضون معك ) فهنيئا لكم ايها الشعب بقائد ملهم وهنيئا لعمان انتم الشعب الوفي كلل الله مسعاكم الى الخير وبارك الله فيكم وجعل امنكم سعادة ومجدا .