لماذا الإصرار على الرقم ١، كن صاحب الرقم صفر!
ظافر بن عبدالله الحارثي
قبل أن تضع العنوان في موضع الانتقاد، أو تحدد موقفًا، أو تقرر حُكماً، أودّ أن ألفت نظرك إلى فكرةٍ مختلفة قد تخالف القواعد العلمية من ناحية، ولكنها في المقابل تتّفق إلى حدٍّ كبيرٍ مع مجموعةٍ من العلوم، كعلم المنطق على سبيل المثال؛ ففي الغالب الشيء الواحد يقبل أكثر من وجهة نظر، كما قد يحتمل إما الخير وإمّا السوء لصاحبها، وهذا يعتمد على الزاوية الذي ينظر من خلالها والغاية التي يوظفها من أجله، فإذا ما تعلق الفرد بفكرةٍ ما واقتنع بها سوف يعمل جاهدًا على الحفاظ عليها معنوياً وتطبيقًا، والجدير بالذكر أن تلك الفكرة نفسها قد لا تصبّ في صالحه أحيانًا، لأنه رغم اتجاه إرادة الإنسان لتبنيها إلا أن ذلك لا يعني عدم تأثره بعوامل مختلفة كالبيئة المحيطة، والخلفية المعرفية السليمة وغير السليمة اللتان يسهمان في تكوين الفكر ثم تأثيرها على السلوكيات.
لطالما تنافسنا في الحصول على الرقم (١)، وأفهمونا أنها أقصى مراتب التفوق والنجاح، فلم يدَعوا لنا مجالاً للابتكار ولم نجتهد نحن في البحث عن المسارات الأخرى التي تتناسب مع الفكر والطموح والرغبة، والذي يختلف من شخصٍ لآخَر حسب القدرات والمهارات والظروف؛ هذا يقودني إلى تبنّي الرقم صفر، حيث أننا إذا ما بحثنا عن التميز من خلاله فهو أول الأعداد والسابق للرقم (١)، وإذا ما بحثنا عن القوة فهو رمز الاستمرارية الذي يُستعان به كلما تتجدد الدورة العددية، وإذا ما بحثنا عن الأثر فإن العدد صفر يضيف قيمةً كبيرة للأعداد كلما دخل معها، كأن يصبح الرقم من واحد لعشرة ومن عشرة لمئة، علاوةً على ذلك فتمثيله لنا بدءًا من تذكيرنا بالبدايات إلى التحفيز ونقطة الانطلاق حتى وصولنا للإنجازات والمراكز المتقدمة وإلى وما نحن عليه اليوم.
قد يختلف الكثير مع هذه الفكرة لا سيما المتخصصين والباحثين في علم الرياضيات أو اللغة، ولا بأس في ذلك فالاختلاف رحمة لنا، وإثراء مُفضٍ إلى معرفة وإنتاجية، ولكنها مجرد فكرة ومَدخل محرك لأُلفت نظر المتلقّي بأن لا نعتمد على نظام التلقين فقط، بل أيضًا إلى البحث والتقصي، وتطوير الفكر ومهارات الذكاء، ومعالجة المعلومات، كل ذلك حتى لا نضع حدودًا لطموح، وعدداً للتفوق، وتعريفاً لنجاح؛ وأن مسألة عمل المقارنات بين الأفراد ليست صحية؛ بالإضافة إلى ما سبق ذكره فإن الرقم صفر له عدة معانٍ، متيقن بأن إحداها سوف تعضد جوهر الفكرة المطروحة، وبالرغم من بساطته الذي يعني (لاشيء)، إلا أن من وظائفه ملء المنزلة الخالية وحفظ الترتيب، وفي شكله رمزية ورسالة إذا ما رأيناها بتمعن قد تعني لنا شيئاً.
إن التفكير الإبداعي ينمي القيادات، ويعزز الكفاءات، ويحل المشكلات، ويحول التحديات إلى فرص وإنجازات، وإذا ما نظرنا لمتطلبات العصر لوجدناها من الحاجيات الضرورية والملحة؛ سواء كنت من المؤيدين أو كنت من المعارضين للفكرة، وتفاعلت معها عُدّ ذلك نجاحًا، فبمجرد لفت الانتباه والتفاعل فذلك يعدّ نجاحٌ لخلق الوعي، وبمجرد الوصول إلى مستوى الإدراك هو نجاحٌ للتأثير، وبمجرد التأثير فإننا ننطلق إلى أولى مظاهر التغيير.
سؤال قصير: الإصرار على الرقم (١) أهو رغبة في التقليد؟
إرضاء للضمير؟
خوفٌ من التغيير؟