ازرع للنهاية
مياء الصوافية
كما قال زهير بن أبي سلمى
كل ابن أنثى وإن طالت سلامته يوما على آلة حدباء محمول
فما أنت يا إنسان إلا عمرا مؤجلا، نهايته إلى أفول وجسده إلى ذبول وإن تقادم عهدك وطال سنك وانبرى ظهرك وعلاك الشيب ولَمَّ البياض بفوديك و إن زرعت في عقلك تجارب الأيام وعرفت الثلة الكبيرة من الأنام ومهما، عشت مع أقرانك وتعايشت مع أحفادك فلا بد من ساعة نهاية وخطوة أولى لبداية.
نعم ، هي حياة اليوم الآخر، حياة دار الحق حيث تزول الشمس من الأفق وكل شيء بأمر رب الفلق والطارق ” يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّآ أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى ٱلنَّاسَ سُكَٰرَىٰ وَمَا هُم بِسُكَٰرَىٰ وَلَٰكِنَّ عَذَابَ ٱللَّهِ شَدِيد” الحج الآية(٢)
فما بالك؟ طمست عن عينيك الحقيقة وأمنيت نفسك بحياة طويلة وأيام مديدة !
وأنت تعلم في قرارة نفسك بأن هذه الحياة إلى منتهى سيأتي بلا استئذان وأن الحياة الدنيا عاقبتها ليست بأمان وإن حاولت رد لحظة النهاية ومهما بذلت لها من الغالي والنفيس بأن تمهلك من الدقائق أقلها ومن الزفرات بعضها فلن تقدر، هيهات بعد المنى وبلغ السيل الزبى.
فلِمَ لا تطهِّر أيامك بياض صحائفك ولطائف صنائعك ومؤونة إدخارك لحسنات تثقل بها ميزانك لتكون في عيشة ترضيك ونسائم من الجنة تأتيك؟
أم أنه خلق الغافل وأماني الجاهل؟
أنت بلا شك الخاسر الذي باع آخرته بدنياه وظلم نفسه بمبتغاه وإلا فلِمَ أبعدت نفسك عن مدارج الجنات وأزلف من دركات الصاليات؟!
عد إلى ربك واجعل حبال يومك معقودة برضاه ونيل قرباه
تكن الفائز بلا شك وممن ربحت تجارته وحسنت حياته.
فبخ بخ فأنت الظافر ولك الحسنى من الغفار الناصر.