الدهر الأبدي للغة العربية!!
عبدالله بن حمد الغافري
#سلطنة_عمان
#الرستاق
للتواصل
تويتر / @AbdullahHamedG1
أو
Alssedq@hotmail.com
اللغة العربية بقيت مهمشة في العالم الجديد لفترة طويلة على مستوى الأمم المتحدة ولكنه تم مؤخرًا الاعتراف بها كواحدة من أهم خمس لغات عالمية..!
ورغم عتابنا على العالم الذي يسمي نفسه متحضرًا في تهميش اللغة الكونية لكننا ندرك أن هذا لم يحصل من فراغ بل ذلك كله يصب في بوتقة (الحرب على الإسلام) التي تشنها قوى الشرق والغرب ومن تابعهم ووافقهم ممن سار على ملتهم!.
وكيف يتأخر الاعتراف باللغة العربية وهي لغة العالم أجمع بنص القرآن الكريم وبمفهوم العلم الذي يجب علينا جميعًا أن ندركه!. كيف لا وهي لغة الإسلام الذي هو الدين العالمي الواجب اتباعه من جميع البشر..!
قال سبحانه وتعالى:
(وَمَاۤ أَرۡسَلۡنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوۡمِهِۦ لِیُبَیِّنَ لَهُمۡۖ فَیُضِلُّ ٱللَّهُ مَن یَشَاۤءُ وَیَهۡدِی مَن یَشَاۤءُۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِیزُ ٱلۡحَكِیمُ)-[سورة إبراهيم 4].
في جانب اللغة دائمًا التعبير القرآني يعبر عنها باللسان، فاللسان هو بريد الجوارح ومكنون القلوب ومذياع الأحاسيس ، وقد بين بعض المفسرين المقصود ب (لسان قومه) أي لغة قومه الذين أرسل إليهم وهنا يتضح ما تقرره الآية الكريمة أن لغة قوم محمد وهم (العالمين أجمعين) هي اللغة العربية!؛ فمحمد صلى الله عليه وسلم لم يبعث للعرب وحدهم بل بعث للناس كافة قال جل في علاه: (وَمَاۤ أَرۡسَلۡنَـٰكَ إِلَّا كَاۤفَّةࣰ لِّلنَّاسِ بَشِیرࣰا وَنَذِیرࣰا وَلَـٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا یَعۡلَمُونَ)-[سورة سبأ 28]. وقال سبحانه :(قُلْ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنِّى رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا ٱلَّذِى لَهُۥ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ ۖ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ يُحْىِۦ وَيُمِيتُ ۖ فَـَٔامِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ ٱلنَّبِىِّ ٱلْأُمِّىِّ ٱلَّذِى يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَكَلِمَٰتِهِۦ وَٱتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) -[سورة الأعراف 158].
فهذه نصوص شرعية تدل على عالمية رسالة النبي العربي الأمي القرشي، ولغته العربية فهذا يعني أن على اتباعه أن يتكلموا العربية وأن يتعلموها وأن يتدارسوها وأن تكون حاضرة في حياتهم؛ لذلك لا يصح حمل الناس على ترك لسانهم العربي وإرغامهم على تعلم لغة وافدة وجعل كل المصالح والمراسلات الرسمية وغير الرسمية باللغة الأجنبية!!
كما أن العبادات في الإسلام لا تصح إلا بالعربية فلا يمكن أن نقرأ الفاتحة بغير العربية مطلقًا وكل ألفاظ الصلاة فإن كل أحكامها توقيفية على ما أثر عن المعصوم صلى الله عليه وسلم، كذلك التلبية في الحج والعمرة..
كما أن كل الأحكام الشرعية المنصوص عليها في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة مدونة بلسان عربي مبين، فكيف لمتعبّد أن يعبد الله تعالى على الطريقة الصحيحة إلا بفهم الأحكام واستنباطها من مصادرها بفهم اللغة المكتوبة وهي اللغة العربية المجيدة لغة أهل الجنة..!
إن على الأمة اليوم واجب عظيم تجاه لغتهم خاصة الأمة العربية فهم الذين شرفهم الله تعالى بحمل رسالته إلى الناس كافة وأوجب عليهم تبليغها للناس كافة؛ قال عليه الصلاة والسلام:(بلغوا عني ولو آية)،
وقال سبحانه: ( الۤمۤصۤ كِتَـٰبٌ أُنزِلَ إِلَیۡكَ فَلَا یَكُن فِی صَدۡرِكَ حَرَجࣱ مِّنۡهُ لِتُنذِرَ بِهِۦ وَذِكۡرَىٰ لِلۡمُؤۡمِنِینَ ٱتَّبِعُوا۟ مَاۤ أُنزِلَ إِلَیۡكُم مِّن رَّبِّكُمۡ وَلَا تَتَّبِعُوا۟ مِن دُونِهِۦۤ أَوۡلِیَاۤءَۗ قَلِیلࣰا مَّا تَذَكَّرُونَ)
[سورة الأعراف 1 – 3].
فاللغة العربية كائن حي لا يقبل الخطأ أبدًا فانقسامها إلى اسم وفعل وحرف ليس عبثًا، كما أن اختصاص الاسم بمميزات واختصاص الفعل بمميزات أخرى ليس عبثًا، كما أن أثر العامل في معموله وتعلقه به واتساق الفاعل مع مفعوله والآثار المترتبة على الجملة بالبلاغة والعروض والبديع وغيرها من مقتضيات اللغة العربية إنما وجدت لتخرج لفظًا حيًا في ذاته مستقلًا بمعانيه ومقاصده التي يستنبطها ذوي الأفهام والعقول.. لذلك أبدع أهلها فيما يكتبون من شعر ونثر وتلقي معلومة أو نقلها..
كل لغة غير العربية لم يتجاوز تعداد ألفاظها الستة عشر ألفًا، بينما اللغة العربية أربعين ألفًا، وهناك من اللغات ما تصعب حتى على أهلها كاللغة الصينية التي تعتمد على الرسم والأشكال في ألفاظها وجملها!.
وقد جاء ذكر اللغة العربية في القرآن الكريم مقترنة بالعقل قال سبحانه: (إِنَّاۤ أَنزَلۡنَـٰهُ قُرۡءَ ٰ نًا عَرَبِیࣰّا لَّعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ)-[سورة يوسف 2]. وفي سورة الزخرف أيضًا؛ (إِنَّا جَعَلۡنَـٰهُ قُرۡءَ ٰ نًا عَرَبِیࣰّا لَّعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ)-[سورة الزخرف 3]. فهذا يدل دلالة قاطعة على ارتباط اللغة العربية الفصيحة بالعقل فهي المورد الحقيقي للعقل في الحصول على المعلومة، كما أن (عربيا) ليست دلالتها على العنصر العربي بل دلالتها على الفصاحة والبيان والوضوح أما الجنس العربي فكل من تكلم العربية فهو عربي!!.
وقد أثبتت الدراسات أن أخصب اللغات بالألفاظ والمصطلحات هي اللغة العربية حيث يزيد مخزونها اللفظي على أربعين أصلًا لغويًا.. فأي لغة تعدل العربية أو تضاهيها في البيان والفصاحة والسلاسة والإبداع؟!.
إن مما يندي له الجبين ويحز في النفس ويترك جرحًا عميقًا أن نرى تهافت كثير من شبابنا ومؤسساتنا إلى تعلم اللغات الأجنبية بحجة طلب الرزق..
كذلك من المؤسف جدًا أن تعتمد مؤسسات كبرى في العلوم والمخاطبات باللغة الدخيلة الوافدة.. نحن لا ندعو إلى ترك تعلم اللغات الأخرى لدواعٍ مهمة في التواصل مع الأمم الأخرى ولكن ليس على حساب لغتنا الأم..
ومن هذا المنبر أدعو إلى تعريب التعليم الجامعي في مؤسسات التعليم العالي عندنا.. كما أشدد على مؤسساتنا الرسمية أن تخاطب الناس بلغتنا العربية وليس بغيرها في المراسلات والمخاطبات الرسمية.. كما أؤكد على رجال الإعلام وذوي المناصب العليا في الدولة أن تكون لديهم إجازة في الفصاحة واللغة الرصينة واللسان الفصيح فإن الخطأ اللغوي عيب كبير.. أكرمكم الله..
كما أحيي جميع المؤسسات الرسمية والأهلية في اعتنائها باللغة العربية، خاصة الجهات العسكرية فما سمعت مذيعًا عسكريًا ولا مراسلًا ولا متحدثًا إلا والفصاحة ظاهرة على لسانه فنقدم لهم جزيل الشكر وعظيم الامتنان..
شكرًا للجميع ونسأل الله التوفيق وأن تعود هذه الأمة إلى لسانها العربي المبين.. آمين.