تحتفل صحيفة النبأ الإلكترونية بالسنة السادسة لتأسيسها
Adsense
مقالات صحفية

الذكاء الوظيفي

الدكتور: طالب بن خليفة بن سيف الهطالي
Talib.oman@hotmail.com

تنهض المؤسسات بسواعد العاملين المخلصين فيها، وتنمو وتتطور بأفكارهم ومهاراتهم، ولا ريب أنهم عمودها الفقري وسرُّ تقدُّمها وتتطوّرها، وإن من المسلَّم به أن الأفكار والقدرات والطاقات والمهارات تتفاوت من شخص لآخر حسب ما أودع الله فيهم من ذلك، إذ أن كل إنسان أعطاه الله من المهارات والقدرات التي تميزه عن أقرانه بشيء يختص به، ولمَّا كانت الموارد البشرية هي العنصر الرئيس الذي يسبق الوفرة المالية في المؤسسة خاصة الربحية منها، فإن الحال يلزم تهيئة البيئة المناسبة للعاملين لإخراج ما لديهم من طاقات مكنونة وقدرات وأفكار من شأنها تحريك عجلة التطوير وترجمة ذلك واقعاً عملياً ملموساً من أجل حصد النتائج، فقد ترجم البعض أن ما يتميز به العاملون من مهارات وقدرات تسمى بالذكاء الذي فصّله البعض إلى تسعة والبعض الآخر إلى سبعة وعرفوه أنه: القدرة على فهم الذات والمشاعر الكامنة، وفهم قدرات ومشاعر الطرف الآخر والقدرة على التحكم وإدارة ذلك بطريقة إيجابية بناء على فهمه لذاته والطرف الآخر، وأوضح العالمان الأمريكيان (ريمون كاتل وجون هورن) أن هناك نوعان رئيسيان من الذكاء وهما: الذكاء السائل (Fluid Intelligence) والذكاء المتبلور (Crystallized Intelligence) وبحسب ذلك فإن الذكاء العام هو نتيجة المهارات والقدرات المختلفة وتفاعلها مع بعض، بينما قال(هاورد غاردنر.1983) بنظرية الذكاءات المتعددة أن الذكاء يتضمن جوانب أخرى غير ما هو معروف من البراعة في اللغات والرياضيات وأفرزها في الآتي:
(الذكاء البصري، الذكاء اللغوي، الذكاء المنطقي، الذكاء الوجودي، الذكاء الموسيقي، الذكاء الطبيعي، الذكاء الداخلي، الذكاء الجسدي).
ولمّا كان الذكاء الوظيفي عبارة عن مجموعة من المهارات الحركية والذهنية التي يمتلكها الفرد، فإنها تختلف من شخص لآخر من حيث المستوى ونوعه، فهناك أفراد يتميزون بالذكاء الحركي وآخرين يمتلكون الذكاء اللفظي وغيرهم من لديه ذكاء انفعالي وهكذا، ويمكن أن يكون الذكاء لدى الفرد ناتج عن عوامل وراثية وبيئية، لذلك يعتقد الكثير من الباحثين أن الذكاء العاطفي له القدرة -لمن يحسن استخدامه- على التحكم في طرق التعامل مع الطرف الآخر، وإذا ما أسقطنا هذه الذكاءات على العاملين في المستويات الإدارية ومعرفة مستوى علاقاتهم بمسؤوليهم، والنظر ما إذا كان ذلك يؤثر على القدرة على إدارة الضغوط وفض النزاعات، وزيادة الأداء الوظيفي بصفة عامة، نجد أن المؤسسات في القطاعين العام والخاص تزخر بالكثير من أبناء هذا الوطن ممن يمتلكون ذكاءات متعددة في آن واحد، ونجد أن بعضهم لم تتح لهم الفرصة لإبراز ما يتملكونه من مخزون علمي وفكري وإداري وفني ..إلخ على أرض الواقع ولعلّ ذلك يعود لعدة أسباب علّ أبرزها هو: نوع الإدارة المستخدم وأسلوب التعامل مع المستويات الإدارية من حيث نوع التفويض الإداري -الذي هو أساس تطبيق مفهوم اللامركزية الإدارية التي بيّنها مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق بن تيمور في خطابه للشعب – بما يتناسب والاختصاصات الوظيفية، وهل يتبع ذلك منح المزيد من الثقة -التمكين الإداري- للموظف في ممارسة أعماله؟ وحل الإشكالات التي تواجهه، وهل هناك تبنّي للأفكار الجديدة في بيئة العمل واحتضان الكفاءات؟، ومن ناحية أخرى تهيئة البيئة للفئة المهنية والحرفية للإبداع من خلال تشييد المؤسسات التعليمية التي تؤهلهم وتصقل مهاراتهم ليكونوا أفراداً منتجين في المجتمع، كل هذا إذا ما تم تطبيقه وممارسته في واقعٍ عمليٍّ فإنه لا محالة يساعد على إثراء الذكاء الوظيفي لدى الأفراد ويؤدي ذلك إلى خلق بيئة عمل مترابطة ومتسلسلة ونشطة ومتجددة، ومن أجل ذلك علينا أولاً أن نفهم أنفسنا والطرف الآخر ثانيا، وكيفية تسخير تلك الطاقات والمهارات لتعطي مردوداً إيجابياً وفعّالاً يؤدي إلى التحفيز الذاتي والقدرة على إدارة العلاقات بشكل فعّال ويساهم في زيادة الإنتاج وخلق المنافسة الشريفة على المستوى الداخلي والخارجي.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights