بدرية بنت حمد السيابية
البعض منِّا يتفنن في المزاح سواء كان مزاحاً ثقيلاً أو خفيفاً غير مدرك عواقب هذه العادة ويأخذها دائماً من باب الضحك والسخرية من الآخرين حتى الحيوانات لم تسلم من هؤلاء “المازحون” بالسخرية والضحك عليها سواء بأشكالها أو ألوانها وأحجامها _ فتجدهم يبحثون عن فرصة أو ثغرة ليتمكنوا من المرور عبرها وينشرون رذاذ المزاح ويستمتعون به كرشة عطر يصفو جوهم ويقهقهون من الضحك حتى تدمع أعينهم لا يحسبون حساب مشاعر الآخرين.
وكذلك ممن يتقن هذه العادة بأسلوبه المتنوع أينما حلَّ ووجد في الزمان والمكان وهناك أمثلة كثيرة؛ كشخص ينادي بلقب غير لائق أو بوصفه من شكله وهذا لايجوز حيث قال الله تعالى في كتابه الكريم:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [الحجرات: 11].لايجوز الإيماء بالألقاب والاستهانة بالإنسان.
كما شاع في أوساط كثيرة جرأة البعض على التهكم على الناس فتراهم يصوغون السب والشتم والتحقير صياغة مضحكة تجعل المقصود بها ضيق الصدر بما يقاسيه من ضحك النَّاس عليه، لم كل هذا أين المبادئ والأخلاق لم نستصغر من حولنا فخلقنا الله جميعاً سواسية وكرمنا عن غيرنا بالعقل لنفكر ونُدرك كل ما حولنا ولا نجعل حياتنا مسخرة للضحك وإحراج الناس لا بأس إن ناديته بلقب لطيف هو راضٍ عنه ولكن لايجب أن نشمت ونناديهم بألقاب تجرح النفس والقلب وناهيك عن لفظ ببعض المُسميات.
هناك من فقد عينه لايجب أن أنادي “الأعور” وهناك من فقد ساقه لايجب أن أنادي “الأعرج” أو حتى من لون بشرته وأقول له يا “قبيح” الله سبحانه وتعالى صور الإنسان بأحسن صورة وكرمه بعقله وجعل له مكانة خاصة لقول الله تعالى {ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا} (الإسراء:70) وللأسف الشديد البعض يأخذ المزاح وكأنه شيء مفرح ويجعل الآخرين يضحكون يجرهم وراء فعلته وعادته غير المحببة وهو غير مبالٍ بمشاعر الآخرين.
لذلك لابد أن ندرك ونحاسب على كلامنا ونكون على وعي بأنَّ مشاعر النَّاس ليست للسخرية والضحك فقد خلق الله الإنسان وكرمه وصوره بأحسن صورة ولا تجعلها عادة معك بتصرفك هذا وإلا ستفقد قيمتك في أعين الناس ولا تتعالى فكلنا راحلون ويبقى الأثر الطيب – احسب حسابك قبل مماتك واجعل لنفسك بصمة طيبة تذكر بعد رحيلك من هذه الدنيا.
