علي بن مبارك اليعربي
(كان من المقرر أن تعم الاحتفالات ربوع الوطن بما يليق بهذه المناسبة الغالية. قررنا أن تكون الاحتفالات في نطاق محدود حفاظاً على سلامة الجميع).
هكذا بدأ مولاي صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق حفظه الله ورعاه، وبهذا يكون قد أثبت صدق وعده وحرصه الأكيد على أبناء شعبه رغم أن هذا العيد يختلف في ذكراه عن باقي الأعوام الماضية؛ حيث تمتزج فيه مشاعر الحزن والفرح بفراق باني نهضتها الحديثة قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه-، و فرح يسوده شوق وتأمل و ترقب في نهضة متجددة بنهج قابوسي ومنهاج هيثمي ملتفة بعمامة سعيدية عمانية تعصب رأس الحكمة القابوسية بأصالة وتضحيات عمانية تجاوزت بها كل التحديات الداخلية والخارجية، يستلهم منها هيثم الوفي المبادئ والقيم ذاتها بخطى واثقةٍ ثابتة نحو مكانة مرموقة ينشدها الجميع.
وبما أن رؤية الدول يتم صياغتها على مستوى المنظمة وليس على مستوى الفرد؛ لهذا تكون مقنعة للجميع مما يدفع الإنسان بتكوين رؤية فردية لنفسه وبما يتوافق مع رؤية المنظمة لذلك يجب أن يقوم كلّ عضو في تلك المنظمة بدوره.
وهذا ما أكده جلالته في خطابه السامي بمناسبة عيدنا الوطني الخمسين المجيد بأن (إنجاح الرؤية مسؤوليتنا جميعاً دون استثناء).
وأي رؤية أو استراتيجية يراد نجاحها يلزمها منظومة وجهاز إداري متكامل فعال لا يسمح بارتكاب الأخطاء عند تنفيذها وتطبيقها، كما يجب تغليب المصلحة العامة على الخاصة، وهذا ما تفضل به صاحب الجلالة في خطابه حين قال (عملنا على تطوير الجهاز الإداري للدولة وإعادة تشكيل مجلس الوزراء وأنطنا به تنفيذ الخطط والاستراتيجيات)، حيث أكد جلالته -حفظه الله ورعاه- العمل على متابعة هذا الجهاز بالقول (سنتابع بصفةٍ مستمرةٍ مدى التقدم في هذا النظام الإداري)، وبما أنّ التنظير أسهل من التطبيق، ولأن القوانين والتشريعات المصاحبة لهذه الرؤية وضعية وليست ربانية، فالأخطاء فيها واردة، وهذا ما أوضحه الخطاب السامي حين قال (نعمل على مراجعة القوانين والتشريعات وتفعيل المحاسبة). وبما أن تجويد العمل يحتاج للمتابعة المستمرة عند تنفيذ الخطط والبرامج لإنجاح رؤية 2040 ؛ يلزمه مراجعة الأساليب والطرق المناسبة المتبعة في تنفيذها، لهذا نوه جلالته باتباع التغذية الراجعة قبل وأثناء وبعد تنفيذ هذه الرؤية لتصحيح المسار وتفادي الأخطاء؛ لذلك ركز في خطابه -حفظه الله ورعاه -بقوله (سنتابع بصفة مستمرة مدى التقدم في هذا النظام الإداري). ومن مبدأ الشراكة المجتمعية وعمل الكل بالجزء.
ولترسيخ سياسة البناء والتعمير مسئولية الجميع؛ فسَّر جلالته وبكل شفافية الأوضاع الراهنة والأزمة الاقتصادية التي تعصف بالعالم وتهز كيانه، وذلك بغرض تبصير المواطنين بما يجب عليهم القيام به في ظل تلكم الظروف للخروج وتجاوز هذه الازمة بأقل الخسائر من خلال العمل على ترشيد الاستهلاك وتقليل الهدر والإنفاق واستغلال الموارد البشرية وشحذ الهمم وتفجير الطاقات وإيجاد البدائل المناسبة، والعمل كفريق واحد في التنفيذ والمتابعة ومحاربة الفساد لصون المال العام. حيث أولى هذا الأمر جل اهتماماته كما جاء ذلك في الخطاب السامي (وقد أولينا الأمر اهتماماً خاصاً لمتابعته على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي)، كما طمأن جلالته أبناء شعبه بأنه وبرغم الظروف آنفة الذكر سوف تسعى الحكومة جاهدة للمحافظة على استقرار الأداء في القطاعات الحيوية الصحية منها والاجتماعية والاقتصادية والتي تمس المواطن بشكل مباشر، وأكد جلالته أنها ستكون على رأس أولوياته -حفظه الله ورعاه. وقد أشاد جلالته حفظه الله ورعاه- بما أظهرته فئة الشباب من إبداعات لتنويع مصادر الدخل وتفجير الطاقات، وهذا دليلٌ على حرص الجميع لإيجاد التوازن والتوافق النفسي والاجتماعي لدى كافة شرائح المجتمع؛ مما أدى إلى التحول السريع للجانب التقني والمهني للحصول على حلول مناسبة وسريعة. وثمَّن جلالته ما أبداه المواطنون من تفهم وتجاوب حول ما تم من إجراءات وإصلاحات على مختلف الأصعدة ليست إلا لتحقيق الاستدامة المالية للدولة والتهيئة لتنفيذ العديد من الخطط التنموية (رغم التحديات التي تواجه اقتصادنا إلا أن خطة التوازن المالي والإجراءات التي تم اتخاذها كافية للوصول باقتصادنا إلى بر الامان)، أي إلى التشافي والتعافي بإذن الله وهذا كما جاء نصاً في الخطاب. وطمأن جلالته أصحاب الدخل المحدود بأنه حريص على ضمان العيش الكريم لهم، لهذا سيتم توجيه جزء من عوائد السياسات المالية المتبعة في الأزمة الراهنة إلى نظام الحماية الاجتماعية.
كما توجه جلالته حفظه الله ورعاه في خطابه السامي للجميع بالشكر والتقدير على حرصهم الدائم للمحافظة على مكتسبات هذا الوطن والتي تحققت طوال خمسين عاما مضت بجهود المخلصين من أبنائه، وأن هذا الأمر سيجد الرعاية والتقدير الشخصي من لدن جلالته واختتم قائد نهضتنا المتجددة -حفظه الله ورعاه- خطابه بدعاء لباني نهضة عمان الحديثة صاحب الجلالة قابوس طيب الله ثراه بأن يتغمده الله بواسع رحمته وأن يسكنه فسيح جنّاته.
