التسامح
أسماء بنت جمعة المخينية
يعجبني هذا اليوم، أحبّ معانيه كثيراً، أودّ أن أُقيم حفلاً كبيراً وأدعو فيه جميع المتخاصمين، وأقف على مدخل الاستقبال وأعطي كل واحدٍ منهم وردةً كُتِبْ عليها ” أنا بخير ما دمتَ أنت بخير، مُحبك فلان”، وفلان الشخص المتخاصم.
الحياة قصيرةٌ جداً وتمرّ مَرّ السحاب، وتتغير الأحوال من حالٍ إلى حالٍ في غمضة عين، فحال المساء يختلف عن حال الصباح، ولكلّ وقتٍ نسمات من الشأن الرباني العظيم.
التسامح نعمة، صفوةٌ للروح، ونقاوة للفِكر، وطهارة للقلب، وأراه صحة للنفس بكل أحوالها، ولكن لنا أن نقف وقفة صراحةٍ نصارح فيها المتخاصمِين الذين يرفضون وبشدةٍ مسامحة من أخطأوا في حقهم. فأحياناً أرى غِلاظ القلوب الذين يتمادون في قسوة الطرف يستحقون المعاملة بالمثل بسبب تماديهم وجنون العظمة الذي يحلّ بهم، فإن تعامل شخص بإهانته أمام الجميع والتقليل من قدره ثم تأتي لطلب الصفح والسماح مبرراً أنك لم تقصد، هنا من حق الطرف الأخر القبول أو الرفض، وإن كنتُ أرى خِلافاً في ذلك إذا كان هذا التصرّف للمرة الأولى.
أما إذا كررها مراتٍ ومرات، هنا لا بدّ أن يكون للطرف الثاني حزمٌ وتصرفٌ صائب ومُحق.
نعم قد أمرنا الله عز وجل بالصفح والعفو ولكن لا يعني أن اتمرد وأتمادى في ظلم الأخرين وقهرهم بقول:
فلان سيعفو، قد يعفو ولكن سيأتي يومٌ ويقسو.
وفي الحياة عيّناتٌ كثيرةٌ تشتكي سوء المعاملة والظلم والتعامل غير السوي والتصرفات المهينة لمشاعر الأخرين.
و دائما أستغرب في أولئك الذين يتصرفون تصرفاتٍ لا يرضونها لأنفسهم ولا يحبون أن يعاملهم أحد بما يكرهون، وذات التعامل يتعاملون به مع الغير لماذا ؟؟
فأنت بشر تملك من المشاعر ما يجعلك تغضب وترضى وهم أيضاً لهم من المشاعر ما يجعلهم يرضون ويرفضون ويرفعوا راية الخِصام عليك، فأنت من تسببت في إحراجهم وجعلتهم يتخذون هذا القرار، فهم ليسو جماداً لا يشعرون ولا فاقدين لعقولهم حتى لا يدركون، فمهلاً وتوقّف فإن الأنف بالأنف.
عاملوا الناس بالحسنى وقولوا للناس حُسناً، فالقول الطيب الكريم لا صعوبة في قوله، والتعامل المحمدي العظيم ليس مجهولاً لدينا نحن المسلمين فقد أوصانا صلى الله عليه وسلم بالتراحم والتعاطف وحُسن الظن بالآخرين، فكل ذلك كان سلاماً وصحة للقلب والعقل.
وأكرر أن الحياة في تسارُع، والأرواح في رحيلٍ باغت، فاعفوا واصفحوا وقولوا للناس حُسنا.