إلى المحتفين ببايدن، على رسلكم
خوله كامل الكردي
لا يختلف عند الكثيرين من العرب، سواء جاء بايدن أم بقي ترمب! كلاهما سيان بالنسبة لهم، فالسياسات الأمريكية لم ولن تتغير بشكل جذري ما بين رئيس وآخر، ولكن ما تقتضيه مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية هي الأساس في كل شيء، وربما نجد أن الأغلبية من العرب لا يُفضلون الرئيس ترمب لأسباب عدة أهمها نقل السفارة الإسرائيلية للقدس والاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل؟!! والتي أثنى عليها بايدن بل وتعهد بإبقاءها في القدس! إذاً لِمَ يتناهى إلى علم أولئك الذين يرحبون بمجيء بايدن تلك المعلومة؟ لأن الجميع يعلم أن الإدارة الأمريكية لم تكن في يوم تعير اهتماما لقضايا الشرق الأوسط، وبخاصة قضية فلسطين إلا وفق منظور تجاه مصالحها أيا كان.
فبايدن لن يختلف في سياساته عن أسلافه من الرؤساء السابقين، فهو لطالما كان يتباهى ويفخر بما فعلته إدارة أوباما في شأن قضايا عدة تخص المنطقة العربية، وباعتباره نائب الرئيس أوباما، والتي اكتنفت فترته الجمود فيما يخص قضايا الشرق الأوسط، من أحداث ومجريات شكلت منعطفا قويا لشعوب تلك المنطقة، حيث واجهت المنطقة تذبذبات وهزات ما زال يعاني الوطن من تبعاتها إلى حد الآن. إدارة أوباما لم تكن في يوم إلى جانب قضايا الوطن العربي، بل كانت ولا زالت إدارته من أسوأ الفترات التي مرت على الأمة العربية، لقد سارت إدارته على خطى ما عرف بشرق أوسط جديد يعمه الفوضى بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.
عموماً لن يصلح بايدن الحال في منطقتنا العربية، فهو لا يعدو كونه منفذ لسياسات واستراتيجيات المصالح العليا للولايات المتحدة، أما ترمب فقد حفلت فترته بهدوء نسبي في العالم، حيث لم نرَ التدخلات الأمريكية جلية وواضحة كما في الإدارات السابقة، ولم تُخلِق حروب ونزاعات جديدة في منطقة الشرق الأوسط، بل أراد أن يهمش ذلك الدور الذي يعرفه الجميع عن أمريكا ويركز على الاقتصاد الداخلي، ربما يختلف البعض في هذا الطرح لكن هذه هي الحقيقة؟! أما بايدن فهو يعيدنا إلى دور الولايات المتحدة في التأثير على السياسات العالمية، فقد صرح بأنه يرغب في أن تعود أمريكا لتصبح “منارة للعالم”، هنا نقول هل نسي أولئك المحتفون ببايدن التدخلات الأمريكية المتكررة في قضايا الشرق الأوسط؟ نقول على رسلكم لن يقدم بايدن شيئاً بالمجان كعادة كل الرؤساء الأمريكيين السابقين، وسيكون التعامل مع الإدارة الجديدة مهمة ليست بالأمر الصعب، فالديمقراطيين يلجأون لأسلوب المراوغة والازدواجية في سياساتهم الخارجية، وهذا لا يعطي أي هامش من التفاؤل مهما تقلبت الإدارات واختلفت الوجوه لكن السياسة واحدة، وهذه هي المشكلة التي يواجهها العرب والعالم مع الإدارات الأمريكية المتعاقبة.