سابغات المحبة والفداء في الدفاع عن خاتم الأنبياء
راشد بن حميد الجهوري
سابغات كلمة قرآنية تعني الدروع الواسعة الفضفاضة التي تحمي المقاتل من ضربات الأعداء، وسابغاتنا اليوم مادتها الأولى ليست من الحديد، ولكنها من المحبة لسيد الخلق، ومن مشاعر الفداء لخاتم الأنبياء، وهي في قوتها المعنوية تصنع الفارق الذي تتحطم دونه سهام الباطل المسمومة، ورماح الاستهزاء الحاقدة، وهي أشبه ما تكون في قوتها بكلمات خبيب بن عدي رضي الله عنه في وجه قريش عندما سألوه، وهو مقيد أسير بينهم تحيط برقبته سيوفهم: (أتحب أن محمداً مكانك وأنت في بيتك؟)، فقال:(والله ما أحب أني بين أهلي ومحمد صلى الله عليه وسلم في المكان الذي هو فيه تشوكه شوكة)، وهي سابغات تشبه موقف علي بن أبي طالب كرم الله وجه عندما نام فدائياً في فراش النبي صلى الله عليه وسلّم ليلة الهجرة النبوية، وتشبه تضحيات أبي بكر الصديق رضي الله عنه في سبيل الدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولسان الحال كما قال حسان رضي الله عنه:
فَإِنَّ أَبي وَوالِدَهُ وَعِرضي
لِعِرضِ مُحَمَّدٍ مِنكُم وِقاءُ
وسابغات اليوم أظهرت المحبة الصادقة والوفاء الجميل في المقاطعة الاقتصادية الموجعة لقلوب أشعبت حب الدراهم، وفي القصائد التي فاضت بها قرائح الشعراء، وفي أقلام المدونين، وفي مختلف المجالات، ولم تقتصر تلك المحبة على بقعة جغرافية معينة بل عمت أرجاء المعمورة واهتزت لها قلوب المسلمين في كل مكان، فنثرت عبير الحب لخاتم الرسل عليه الصلاة والسلام في جنبات الدنيا، وكانت دقات القلوب على مذهب واحد: نفديك يا رسول الله.
إن محمداً صلى الله عليه وسلم أيقظ الدنيا من سباتها، ووضع لها الأنموذج الأرقى للأخلاق، ونشر أخلاقه اليوم والاقتداء بها سابغة تصد عن مقامه العالي حملات التشويه، ودراسة مواقفه الكريمة وسيرته العظيمة سابغة أخرى تصد عن شرفه المصون حملات التشويه، وغرس مبادئه الفاضلة في نفوس الناشئة سابغة ثالثة في حملة الدفاع، ومع كل سطر من حياته الشريفة نور يسطع، وبلسم يداوي النفوس المظلمة.
وختاماً: إن كل كلمة تقال دفاعاً عن النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم، وكل خفقة قلب تتشوق لمجاورته في الجنة، وكل درهم تحرم منه جيوب المستهزئين تمثل سابغات من الحب الأبدي للنبي الأمي صلى الله عليه وسلم تتكسر عليها نصال السخرية والاستهزاء.