تحتفل صحيفة النبأ الإلكترونية بالسنة السادسة لتأسيسها
Adsense
فعاليات وأنشطة النبأمقالات صحفية

القيادة في عصر النبوة

صالح بن محمد خير الكعود – باحث وطالب دكتوراه في تنمية الموارد البشرية – الجامعة الإسلامية العالمية في ماليزيا

أثارت شخصية النبي عليه الصلاة والسلام فضول علماء ومفكري الغرب لما اتسمت قيادته بالحكمة وسمو الغاية وقوة الإرادة وغيرها من صفات القائد العظيم، حيث رسخ صلوات ربي وسلامه عليه نموذجاً ناجحاً في القيادة بكل أبعادها. في كتابه ” الخالدون مائة أعظمهم محمد” ذكر المحاضر في علم الفلك بجامعة برنستون الدكتور/ مايكل هارت ” إن محمداً كان الرجل الوحيد في التاريخ الذى نجح بشكل أسمى وأبرز فى كلا المستويين الديني والدنيوي، إن هذا الاتحاد الفريد الذي لا نظير له للتأثير الديني والدنيوي معاً يخوله أن يعتبر أعظم شخصية أثرت في تاريخ البشرية”. ويصفه المستشرق الفرنسي جوستاف لوبون (1841 – 1921 م)” وإذا ما قِيسَتْ قيمة الرجال بجليل أعمالهم كان محمد صلى الله عليه وسلم من أعظم مَنْ عَرِفهم التاريخ، وأخذ بعض علماء الغرب يُنصفون محمداً صلى الله عليه وسلم، مع أن التعصب الديني أعمى بصائر مؤرخين كثيرين عن الاعتراف بفضله”. نكشف في هذا المقال بعض من جوانب الشخصية القيادية الفذة للنبي عليه الصلاة والسلام.
1. قوة الإرادة:
كان عليه الصلاة والسلام شديد التمسك بمبادئه وقيمه ورسالته، وقد ظهر ذلك جلياً في بداية دعوته عندما دعته قادة قريش وزعماؤها لقبول كل مغريات الدنيا من مال وجاه وسلطان، فرد عليهم رداً لم يخلد التاريخ مثله، قال لعمه ” يا عم، والله لو وضعوا الشمس في يميني، والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله، أو أهلك فيه، ما تركته” (سيرة ابن هشام).
2. سمو الغاية:
كان عليه الصلاة والسلام أنفذ الناس رؤية وأبعدهم عن المكاسب الشخصية، قال عليه الصلاة والسلام: ” إن الله يحب معالي الأمور وأشرافها، ويكره سفسافها”(صححه الالباني). حيث انصب جل اهتمامه على غايات عظمى وسامية مثل، تنظيم الجبهة الداخلية كما فعل عندما آخى بين المهاجرين والأنصار، توقيع المعاهدات والتحالفات حسب الحاجة والظرف، نشر الدين، بناء الدولة على أساس العدل، تأسيس الجيوش، هدم معتقدات الجاهلية، إتمام مكارم الأخلاق، وغيرها من الغايات الجليلة والعظيمة.
3. اختيار القادة:
حرص عليه الصلاة والسلام على توزيع المهام والمسؤوليات على رجاله وصحابته كلاً حسب كفاءاته ومؤهلاته، فوضع كل منهم في المكان المناسب، فعمر وأبو بكر وزرائه، وعلي بن أبي طالب للقضاء، وخالد بن الوليد للجيوش، وأبو هريرة على أموال الصدقات، وهكذا كل منهم تولى منصباً على حسب قدراته ومؤهلاته ومواهبه، ولا يجامل في ذلك أحد، فعندما طلب إليه أبي ذر الغفاري الإمارة وهو من خيرة الصحابة، قال له” يا أبا ذرٍّ! إنك ضعيفٌ. وإنها أمانةٌ. وإنها يومَ القيامةِ، خزيٌ وندامةٌ إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها”(رواه مسلم).
4. الإنصاف والعدل:
من صفات القائد الأساسية العدل، فكان صلى الله عليه وسلم أعدل الناس وأكثرهم تواضعاً، كان إذا دخل الزائر عليه وعلى أصحابه لا يعرفه من بينهم، لأنه لم يتخذ لنفسه عرشاً أو مكاناً مرتفعاً، بل كان يجلس بين صحابته، وكان ينصف الناس من نفسه، ففي معركة بدر كشف عن بطنه الشريف ليقتص منه الصحابي سواد بن غزيه حليف بن عدي بن النجار(سيره ابن هشام).

5. التشاور:
إشراك ذوي الخبرة والكفاءة في اتخاذ القرار من صفات القائد الحكيم، وقد كان صلى الله عليه وسلم يشاور صحابته امتثالاً لقول الرب عز وجل:” وشاورهم في الأمر”(آل عمران، 159)، فبذلك يشعر الجميع بالمشاركة والمسؤولية. وقد ظهر ذلك في عدة وقائع مثل غزوة الأحزاب، فعندما أشار عليه الصحابي الجليل سلمان الفارسي بحفر الخندق، نفذ ما أشار إليه.
6. الشجاعة:
القائد الشجاع هو من يتصدر قومه لا من يقف ورائهم ويحتمي بهم، كان عليه الصلاة والسلام أشجع الرجال، حتى إذا حمي الوطيس في المعارك كان الصحابة يحتمون به صلوات ربي وسلامه عليه. قال علي رضي الله عنه: “كنا إذا حمي البأس (القتال)، واحْمرَّت الحَدَق، اتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم، فما يكون أحد أقرب إلى العدو منه” رواه أحمد.
هو حقاً كما وصفه المستشرق الإيطالي ميخائيل إيمارى في كتابه (تاريخ المسلمين) ” وحسب محمد ثناءً عليه أنه لم يساوم ولم يقبل المساومة لحظة واحدة في موضوع رسالته على كثرة فنون المساومات واشتداد المحن وهو القائل “لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته “. عقيدة راسخة، وثبات لا يقاس بنظير، وهمة تركت العرب مدينين لمحمد بن عبد الله، إذ تركهم أمة لها شأنها تحت الشمس في تاريخ البشر. “

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights