إعلامي ولكنْ
حمدان بن سعيد العلوي
نتّفقُ جميعاً على أنّ وسائل التواصل الاجتماعي تُلاقي انتشاراً واسعاً في فضاءٍ خصب، يفتقد الدّقة والتنظيم، بَيد أنّ الوصول لهُ أصبح في مُتناول الجميع، فمِن الطبيعيّ أنْ تجد كلّ مَن ( هبّ ودَبّ ) يسرح ويمرح ويقول ما يحلو له (بِلا مُبالاة)، يتخبّط في مِنصّات التواصل الاجتماعي، يقذف بدون وَعْي، ويشتُم الغَير بدون وجه حقّ، معتقداً بأنّ له الحقّ في ذلك، واصِفاً نفسه بالإعلاميّ، ويشيع صِيته في كلّ المجموعات، يتحدّث باسم المجتمع وكأنّه وصيٌّ عليهم، لا يُبالي لجرحِ المشاعر، كما لاحظنا مؤخراً ظُهور البعض مِمّن يتحدثون بأسلوبٍ ركيك، يُضحِكون الناس عليهم، ينشرون مقاطع لا تَعكس واقع المجتمع العماني، وهنا أودّ أنْ أقول في طَرحي هذا إنّ هذه المنصات ليستْ إعلامية ولا تُمثّل غيرهم كأشخاص، وفي المقابل سُعدتُ كثيراً مِن خلال مُتابعتي للطّرح الراقي والشيّق للزميل العزيز حسين العميري عَبر برنامج بطاقة بيضاء على أثير إذاعة الشباب، حيث كان يتحدّث هو وضيوفه الزملاء الأعزّاء يونس المعشري و وليد الخفيف، عن النقد البنّاء في وسائل الإعلام وما هو الدور الحقيقي للإعلام، وكان الحديث شيّقاً وممتعاً للغاية، كمْ تمنّيت لو يَعي كلّ مسؤول هذا الدَّور وأهميته في التطوير والبناء، وكم تمنّيت أنْ نفرّق بين الإعلام الحقيقي وماذا يعني الإعلام، فوسائل الإعلام – في الحقيقة- تمكّنتْ مِن استقطاب العديد مِن المتلقّين، وذلك يعود للمصداقية من خلال بثّ ونشر الأخبار والمعلومات المهمة للمجتمعات، هذه الوسائل تعمل بنظام، وبها مُختصّون يبحثون عن المعلومة الدقيقة مِن الجهات الموثوقة، وعلى عكس ذلك في وسائل التواصل الاجتماعي التي تَلقى رواجاً كبيراً ولها كمٌّ هائلٌ مِن المتابعين مِن مُختلف الفئات العمرية، حيث أصبح الناس يستخدمونها للاطّلاع على الأخبار والترفيه، والقائمون عليها أشخاص غير مختصّين ينشرون الأخبار بدون مهنية تُذكر أو أيّ خلفية إعلامية، إلا أننا نستثني منها المنصّات الرسمية، لذلك تَحتفظ وسائل الإعلام الحقيقة بجمهورها العريض الذي يبحث عن الخبر والمصداقية دون تزييف أو تحريف، هذا هو الفَرق بين وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام مع فوارق أخرى يعلمها الجميع، وهي الوسيلة والدعم والتحرير والمراجعة والمصادر، وقد يعتقد البعض أنّ وسائل التواصل الاجتماعي ستحلّ يوماً ما محلّ وسائل الإعلام التقليدية، وهنا نتحدّث عن تكيّف وسائل الإعلام مع التكنولوجيا الحديثة حيث تجد لها منصّاتها عبر التواصل الاجتماعي وبإمكان أيّ مستخدمٍ أنْ يصِل إلى وسائل الإعلام التقليدية عبر الهاتف النقّال، وأصبحتْ تَنقل الأخبار المباشرة مع إمكانية التفاعل مع الجمهور، وكمْ مِن الصُّحف الورقية دشّنتْ مواقعها الإلكترونية وأصبحتْ بعد ذلك صُحفاً ناطقةً، كصحيفة الشبيبة على سبيل المثال، إلى أنْ أصبح صَوت الشبيبة يُبثّ عبر أثيرٍ إذاعيّ، وهذه أيضاً على سبيل المثال صحيفة النبأ الإلكترونية التي تعمل على نشر روابط الأخبار والمقالات والفنون الصحفية الأخرى مستخدمةً وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، وهذا التحوّل حسب رؤيتي الشخصية سيُجبر وسائل الإعلام التقليدية أن تغيّر مِن طابعها التقليدي لتواكب العصر والطفرة الإلكترونية، وكذلك بعض الإذاعات بالسلطنة أتاحت لمتابعيها إمكانية المشاهدة عبر البث المرئي من خلال تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي، فلا يمكن الخلط بين منصات شخصية وغيرها إعلامية أو مؤسسية، ولا مجال لرائد التواصل الاجتماعي أن يصف نفسه بالإعلامي وهو لا يعي ولا يدرك حجم العمل الحقيقي للإعلام، وهذا ما تحدّثنا به من خلال المشاركة في الملتقى الإعلامي (إعلامي ولكن) الذي احتضنته اللجنة الوطنية للشباب سابقاً برعاية مؤسسة فنون وتنظيم فريق النبراس للإنتاج الفني، بحضور كوكبةٍ مِن الزملاء الإعلاميين لهم كل الشكر والتقدير.
إذنْ نستخلص مِمّا سبق، أنّ الإعلام تخصُصٌ ومهنةٌ حقيقيةٌ ليستْ مجرّد موهبة.