تحتفل صحيفة النبأ الإلكترونية بالسنة السادسة لتأسيسها
Adsense
مقالات صحفية

الإدارة شهادة أم فَـنّ؟

فؤاد البوسعيدي

هكذا البعض في علاقاته اليومية العامة والخاصة قد تجري به الأحداث إلى وقائع وأمور لم يكنْ قد رتّب لها فتؤثر على غيره دون أن يكون المقصد هو وجود أيّة نية لإيذاء مشاعر أولئك الآخَرين في محيطه، وأحياناً -للأسف مع وجود بعض المقاصد والنّيات السّرية- يُحبّ البعض أن يكون في تصرفاته فوضوياً مع أولئك الآخَرين الذين قد يتعامل معهم يومياً في ذلك المحيط الاجتماعي والأُسَري وكذلك أيضاً ضمن ذلك النسيج الذي يحيط به في عَمله الذي يُديره وفي وظيفته التي يشغلها والتي ربما يكون فيها مسؤولاً متنفّذاً ومديراً لشؤون بقية زملائه، وهنا لستُ أقوى سوى أنْ أستذكر قولاً قرأته في أحد الكتب:
(انظر إلى أتباعك كأنهم أبناؤك ستراهم يتبعونك إلى أقاصي الدنيا، واعتبرهم أولادك الأحبّاء، فستراهم يقِفون إلى جوارك في أحلَكِ الظروف).
-صن تزو-

(إذا لم تستطع قيادة نفسك فلا تحاول قيادة الآخَرين).
-وليام بين-
لطالما هنالك مَن سمعناه وهو يتحدّث بأنّ الإدارة نهجه، ومساراته تحتاج إلى الشهادات العُليا والكبيرة لكي يصل الشخص المسؤول إلى مرتبة المدير الرائع، جميعنا لسنا في محلّ نكران لضرورة وجود تلك الشهادات في تمكين الشخص وتأهيله لأداء كلّ مهامه الإدارية والقيادية الواجبة عليه تجاه موظفيه وتجاه جهة عمله، ولكنْ في المُقابل هناك سؤال قد يملكه الجميع ألَا وهو:
هل كلّ مَن حمل الشهادة العليا يصلح أن يكون مديراً ورئيساً ذي سلطة تنفيذية؟
مِن واقع التجارب والخبرات الطويلة في التعامل مع أفراد وصلوا في المراكز القيادية أجِد بأنّ نسبةً كبيرةً منهم وعلى الرّغم مِن إمتلاكهم للشهادات التي كانت من الواجب أنْ تؤهّلهم في تَبوُّء مناصبهم التنفيذية بصورةٍ صحيحةٍ تتناسب مع مُسمياتهم الوظيفية العُليا إلاّ أنهم كانوا دون مستوى تطلّعات النسبة الكبيرة من أؤلئك الأشخاص ضمن نطاق إداراتهم وسُلطاتهم، الأسباب اختلفت بين هذا وذاك من أؤلئك المتنفذين ولكن قد يكون أحد أهم تلك الأسباب هو عدم الإيمان بقُدرات الآخَرين التي قد تكون خافية ومخفية لأسبابٍ تخصّ شخصيات الأفراد أنفسهم وربما بسبب عدم سعي القادة إلى معرفة قُدرات وحاجات كلّ فرد من الفريق.

(القيادة مسؤولية والإمارة تكليف وليست تشريف والقيادة هي أبلغ وسائل التربية).
-راغب السرحاني-
يحدث أحياناً أن يتناسى الشخص المسؤول بأنه قبل أن يكون مديراً ورئيساً متنفذاً يدير مؤسسة ما، لها أهدافاً ورؤىً مستقبلية، يجب تحقيقها بأنه قد بات أيضاً شخصاً له مسؤوليات تجاه مجموعات من الأشخاص هم في حقيقة الأمر مَن يقومون بشتّى الأعمال والمَهمات التي من خلالها سيتمّ الحُكم عليه إن كان شخصاً ذو كفاءة عالية في الإدارة، وكذلك إن كان شخصاً ناجحاً في مسيرته القيادية في الإدارة التنفيذية، القيادة هي مسؤولية أنْ تكون حكيماً في تعاملك مع الأهداف التي تنوي وتتوق إلى تحقيقها مع فريقك الذي يتبعك، وفي نفس الوقت أنْ تكون قائداً، يجب أن تكون حكيماً في التعامل مع أتباعك في ذلك الفريق الذي تديره، فهؤلاء كما ذكرتُ سابقاً هم الأساس الذي سيحقق لك تلك الأهداف التي كُلّفتَ بتحقيقها، إذا كنت تنوي أن تكون قائداً ومسؤولاً ناجحاً فكن أميراً تتحمل تبعات المسؤولية لا تكن كذاك الذي يبحث عن مَخرجٍ للهروب ويترك أتباعه بلا قيادة وبلا توجيه سليمٍ يوجز لهم الأمور.

(إذا لم تستطع جَعْلهم يرون الضوء فلتجعلهم يشعرون بحرارته).
-رونالد ريغان-
يتكرر في كثيرٍ من الأحيان أن نسمع عن وعود قد يعطيها أحدهم من أؤلئك المتنفذين لفردٍ أو لمجموعة أفراد يقعون تحت وضمن حدوده الإدارية، هي تكاد أن تكون آمالٌ وتطلعات مزروعة في العقول وفقط، تنتظر موسم الحصاد والقطاف، ولكن تحدث المفاجأة فتموت الثّمار وهي في وعلى الأغصان العالية، يموت الزرع رغم وفرة الريّ وقوة السّماد الذي كان يقوم به الجميع طوال فترة الحرث والإنبات، مؤلمٌ أن يتملّص وينكر القائد والرئيس من مسؤولياته ووعوده التي قالها وطرحها وزرعها في عقول موظفيه دون أن يترك لهم مجالاً لحصاد الثمار.

(ليس هنالك أسوأ مِن مسؤولٍ لا يعلم كيف يساعد موظفيه ولا يعرف كيف يرفع من شأنهم بين أقرانهم ولا يجيد تسويق نجاحاتهم وأعمالهم خارج الكيان الذي يديره).
-فؤاد آلبوسعيدي-
يُمنّي البعض النفس في أن يكون رائداً رائعاً متفوقاً يُشار إليه بالبَنان طوال فترة إدارته وترؤّسه لجهةٍ وهيئة ما، يضع السياسات ويستحدث القرارات ويرسم النهج الذي به يستنير المرؤوس الذي سيقوم بتنفيذ وأداء جميع المهام بما يتواءم مع الخطط والسياسات المرسومة، الجميع يتمنى أن يكون من خيار الناس وأفضلهم في السلطة التنفيذية العليا وذلك بفضل تحقيق الأهداف ولكن للأسف أحياناً يريد البعض ذلك دون أن يُراعي أوضاع وحاجات مَن يقوم بتنفيذ تلك الأهداف، الأكثر سوءاً أن تجد منهم مَن يكذب على موظفيه فقط لكي يصل إلى ما يتواءم مع سياساته.

(عملي كرئيس هو التأكد من أنّ الجميع في الشركة لديهم فرص كبيرة، و أنهم يشعرون أن وجودهم له أثر ملموس و يعود بالخير على المجتمع).
-لاري بايج-
في الأوساط الوظيفية والسلسلة المهنية وما بها من علاقاتٍ بين وسَط يرسم السياسات ووسط دوره التنفيذ والإنتاج لا ينبغي أن تكون النهاية بين الوسطين هي عبارة عن انحطاطٍ في العلاقات بحيث أنّ المستوى يصل إلى أن يكون أحد الطرفين يكره جداً الطرف الآخر، فالعلاقات التي من المُفترض أن تكون متناسبة (١+١=٢) ويجب أن تُبنى على أُسسٍ معروفة ومتابينة، عندما تقوم بوضع وتأسيس قِيَم إدارية عبارة عن مجموعة من المهمات والإلتزامات والأهداف فيجب أن تكون المبادرة ناشئة هناك في القمّة وليست في القاع، يجب أن يكون واضحاً للجميع ما له من حقوق تحميه قبل أن توضح له ما عليه من واجبات يؤديها ومهمات مُلزمٍ بها، يجب أن تكون الصورة واضحة للعيان دون أن تمسّ مواثيق الشّرف والأمانة بين الرئيس والمرؤوس.
في كثيرٍ من العلاقات العملية يحدث أن يضيع الرئيس والمرؤوس بين الحقوق والواجبات فيحدث بعدها فجوة تتّسع يوماً بعد يوم، وربما لا تنتهي أبداً حتى عندما يغادر أحدهما إلى مهمة وموقع وظيفي آخر، فمن هنا نقول قولاً بأن البعض يجب عليه أن يَعي بأنّ المناصب مهما كانت فهي في نهاية المطاف قد تكون كلعبة كراسي يجلس فيها أحدهم ثم دون سابق إنذار قد يجلس شخصاً آخر فيها، المناصب لا تدوم للأبد ولكن فقط الصّيت الذي ستتركه هو الذي سيبقى في عقول وقلوب من تتركهم، تذكّر بأنك قد تجلس هنا اليوم وغداً ستغادر إلى هناك ولكن تذكّر كيف سيكون وضعك عندما تغادر، الفائز هو في الحقيقة مَن يغادر وقد نال موقعاً عالياً في قلوب زملائك وأقرانك وأتباعك في موقعك.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights