2024
Adsense
مقالات صحفية

لماذا نكتب .. ولِمن ؟؟

خلفان بن ناصر الرواحي

القدرة على الكتابة مِن نِعم الله على الإنسان التي لا تُحصى ولا تُعدّ، وهي مُحتوى مخزون الفِكر والعقل الناطق بالقلم، واعتمادها في القالب السردي يُبتدأ بالقراءة؛ من أجل التزوّد بالمعرفة، وكما أمَر الله سبحانه وتعالى النبي عليه الصلاة والسلام في محكم التنزيل في سورة العلق؛ {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)}.

وليست العِبرة في الكتابة في الكمّ فقط، وتعتمد على الكَيف والقُدرة على تحمّل الصبر، والمثابرة على القراءة، حتى يستطيع الكاتب اكتساب العديد مِن المعارف والمهارات التي تُعينه وتمكّنه من تحويل فكره والكتابة، وتحويل أحاسيسه ورؤاه إلى نصوصٍ مفهومةٍ تُقدِّم معلوماتٍ مفيدةٍ وموثوقٍ بها.
فالكتابة هي فِعل فِكري، حضاري، إنساني، اجتماعي، علمي، يمارسه الكاتب بمنتهى السهولة نتيجة المخزون الثقافي في السرد؛ لتساعد القارئ على توسيع مَداركه والاستمتاع بها كلّ حسب ميوله وتوجهاته.

كما أن الكتابة تتعدّد في أسلوبها وشكلها، فمنها المَقالة، والقصة، والرواية، والشِّعر، وشتّى أصناف السرد في الشؤون السياسية، والتاريخ، والقانون، والفلسفة، والفقه، ومختلف الفنون والآداب، ونحصل عليها بمختلف الوسائل المسموعة والمقروءة، سواءٌ أكانت قرطاسية أو إلكترونية بصحيفةٍ أو كتابٍ أو منشور، وغير ذلك من وسائل النشر التي توصل المعلومة إلى متلقّيها في قالبٍ واضحٍ وجذّاب، ومفهوم، ومفيد.

والواجب أنّ كلّ مَن لَديه شغف الكتابة؛ أن تكون لديه رؤيةٌ ورسالةٌ واضحةٌ وجليةٌ يرغب في إيصالها إلى جمهور القُرّاء من أجل هدفٍ معيّن كتصحيح مشكلةٍ أو خطأ شائع، أو الترويج لمفهوم يُفيد جهةً معينةً أو المجتمع، أو نقل ثقافة معيّنة، أو نشر وعي أو تغيير توجّه، ومشاركة فكرة وتجربة ينتفع بها أكبر عددٍ ممكن ممّن تُتاح لهم فرصة الاطّلاع عليها أو السماع عنها.

وتختلف رسالة كل كاتبٍ عن الآخَر حسب رغبتة واختصاصه، ومصادر استقاء تجاربه التي يَنهل منها ويستند عليها في كتاباته، كما أنّ الأهداف والمقاصد متعددة أيضًا حسب التخصص والحاجة ونوعية المجتمع المتلقّي لها.

فالمجتمعات بحاجةٍ ماسّةٍ للاعتماد على أهل القلم والرأي للمشاركة في إنارة الطريق لتطوير ومعالجة مسيرتها، وإدارة شؤون حياتها وإثراء المعرفة والثقافة والتجارب من خلال النقد البنّاء، والتحليل المنطقي، وإسداء النُّصح والتوجيه.
وصاحب القلم عندما يكون ملتزمًا بتلك المبادىء؛ فسوف يكون تأثيره على مسيرة مشواره الشخصي ومجتمعه أيضًا ووسيلة النشر أيضاً – كسمعة الصحيفة أو دار النشر-؛ وذلك من خلال تدوين وحفظ مدوّناته المختلفة لتكون مرجعية للأجيال المتعاقبة حتى ولو بعد حين.

لهذا يجب أن يدرك الكاتب؛ بأنه ليس مجرّد أداةٍ تحرّكها مصالح أو عاطفة أو ردّة فعل، ولا رغبات البحث عن الشهرة والمناصب، ولكنْ عليه أنْ ينقل المعرفة والتجارب الإنسانية بصورتها الموثوقة والمشوّقة، فهي خير شاهد على تأثير المبدعين والمتفانين في خدمة مجتمعاتهم من خلال كتاباتهم، ومنهم من غيّر مجرى التاريخ وخلّد ذكراه بإنتاجه الأدبي الغزير مثل الخليل بن أحمد الفراهيدي، وسيبويه، وابن رشد، وابن خلدون، وغيرهم من العلماء في أنواع العلوم والآداب.

ولا شك أنّ هناك مَن يكتب ليُمارس هوايةً معيّنةً كالشِّعر والقصّة وغيرها من المجالات، وآخَر يكتب ليُشارك في حوار ٍفكري يراه مهماً، وهناك من هو صاحب قضيّةٍ يريد لها الاهتمام والنظرة الشمولية؛ كتحقيق المصلحة العامة وشمول الفائدة للوطن على وجه العُموم.

والنجاح العظيم لأيّ كاتب عندما يعلم أنّ كتاباته تُقرَأ وتُناقَش، وأنه تجاوز مرحلة التصحيح المُتكرّر من النُّقاد والمراجعين، وابتعاده عن منهجية الحشو والتطويل فيما يكتب، واهتمامه بمراجعة ما يكتب لتجاوز الأخطاء الإملائية والمراجعة الدقيقة لِما يكتب قبل النشر بقدر ما يمكنه مِن العطاء والإبداع؛ لأنّ في ذلك تشجيعًا له واهتمامًا بما يكتب ويتعرّض له من مواضيع سعيًا وراء الإصلاح والتنبيه بصوتٍ واضح لِما قد يخفى على البعض من قضايا تخصّ الوطن والمواطن.

ولهذا وذاك، تنبري الأقلام لتعبّر عن أفكارٍ ورؤىً مِن أجل تحقيق مبدأ المشاركة في الرأي ونقل التجارب لتحقيق مصلحةٍ مُشتركة، وبحثًا عن مُتنفّسٍ للتعبير عن مكنوناتٍ مُختزنةٍ لتُلاقي المتذوق لها.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights